الكاتبة: فرقد الحياري

ميلبورن، استراليا

التيراكوتا بالصينية تعني تماثيل الفرسان و الخيول الجنائزية و التيراكوتا هي عبارة عن مجموعة هائلة من مقاتلين مصنوعين من الطين من أكثر من ٢١٠٠ عام لحماية الإمبراطور “تشين شي هوانغ” في الحياة الأبدية الذي يعتبر أول أمبراطور للصين و صاحب فكرة بناء سور الصين العظيم.

تشين شي هوانغ (٢٥٩-٢١٠ ق.م) المؤمن بالخلود و الحياة ما بعد الموت أمر ببناء جيش عظيم من الطين يحاكي جيشه الحقيقي ليرافقه في رحلته الأبدية بعد الموت و شرع أكثر من ٧٠٠ آلاف فنان و حِرفي ببناء الجيش الذي تجاوز عدد أفراده ثمانية آلاف مقاتل و فارس بكامل عتادهم الحربي ترافقهم العربات و مئات الأحصنة و المعدات. 

حيث تم اكتشاف هذه التماثيل بمحض الصدفة عام ١٩٧٤ من قبل مزارعين أثناء البحث عن الماء قرب مدينة شي الصينية و منذ ذلك الوقت أصبح جيش التيراكوتا الصيني محط أنظار العالم بأكمله، لأنه يقدم صورة فريدة لما كانت عليه جيوش العالم القديم و خاصة الصيني من نواحي التنظيم و التسليح أو الزي العسكري و يعكس أيضاً تطور الفنون في الصين القديمة أي أن أبرز ما يميز التيراكوتا ملامحهم المختلفة تماماً عن بعضها و الدقيقة لدرجة مدهشة فقد صنع العمال هذه التماثيل استناداً إلى صور أناس حقيقيين تم تصوير وجوههم و ملامحهم الحقيقية. 

أما الطريقة التي تمت بها صنع التماثيل فقد تم اعتماد طرق خاصة لصنع هذه التماثيل حيث أنها كانت تصنع يدوياً و ليس بطريقة القوالب الجاهزة، فكل تمثال مختلف عن الآخر. أما الضباط القدماء و هؤلاء الجنود كانوا من أنحاء مختلفة من الإمبراطورية و هو ما يعني اختلاف الملامح و تباينها بشكل كبير. 

و في بداية استكشاف هذه التماثيل وجد الباحثون أن هناك ألواناً على أجسام هذه التماثيل و لكن بسبب العوامل الطبيعية لم يتبق سوى عدد قليل من التماثيل الملونة لذلك تم العمل الدؤوب لمدة عشر سنوات لحماية الألوان المتبقية على التماثيل بالمختبرات. 

و حالياً يقوم المسؤولون عن متحف التيراكوتا في مدينة بيجين الصينية، بالتحكم في درجة الحرارة و أيضاً الرطوبة في قاعات العرض لأن مدينة شيان تقع شمال غرب الصين و الجو هناك دائماً جاف لهذه السبب قاموا بإنشاء المباني الجديدة باستخدام بعض الأجهزة و المعدات الخاصة للتحكم في درجات الحرارة و الرطوبة بشكل مستقر و كل هذه الإجراءات تزيد نسبة الحماية لهذه الآثار. 

جيوش التيراكوتا كانت تحمل أسلحة برونزية احتفظت بحالتها الجيدة و حيرت العلماء الذين وضعوا فرضيات عديدة لأسباب ذلك، فمنهم من يقول أن الصين اعتمدت تكنولوجيا فائقة التقدير في طلاء هذه الأسلحة و منهم من يقول أن التربة المحيطة بالأسلحة يمكن أن تكون مسؤولة عن الحفاظ عليها بحالتها الجيدة. 

و بالرغم من أن العدد الإجمالي كبير للتماثيل في هذه الحفر و الذي يناهز سبعة آلاف تمثال إلا أن إدارة المتحف تشير إى العثور بين وقت و آخر على مواقع جديدة و مقابر جانبية أُخرى عدا المقابر الثلاث الرئيسية حيث تتجاوز مساحة المقبرة الإمبراطورية وفقاً للاكتشافات أكثر من ٥٦.٢٥ كيلو متر مربع. 

و نظراً لأهمية التيراكوتا التاريخية و الأثرية و الفنية الكبيرة فقد اهتمت الصين بوضع برنامج سنوي لعرض بعض مقتنيات المتحف خارج الصين بمعدل ثلاث الى خمس دول حيث قامت بعرضها في نحو ٣٠ دولة كما تم تنظيم جولتين متنقلتين داخل الصين.

الصور من المعرض المتنقل و الذي أُقيم في جاليري فيكتوريا الوطني، ميلبورن، استراليا.

المزيد من صور المعرض :