بدأت المدرسة الوحشية ( fauvism) في باريس ما بين الأعوام (1905-1907) تقريبا، وكان لها العديد من المؤيدين والروّاد، إلا أن أهمهم وأشهرهم هو “هنري ماتيس” بالإضافة إلى “جورج ورووه” و “راؤوول” وغيرهم الكثير.
استمدت هذه المدرسة اسمها من موقف طريف حصل ذات مرة في صالون الفنانون المستقلون في باريس، حيث كانت أعمال الوحشيين مُعلقة على الجدران بألوانها الزاهية الصارخة، ويتوسطها تمثالا برونزيا للفنان “ماركيه”، فدخل الناقد الفني “لويس فوكتيل” وصاح مستنكرا -عند رؤيته التمثال في وسط الأعمال- :” التمثال!! بين الكائنات المتوحشة!”
وقد شاع الاسم بعد ذلك، وبقي متداولا إلى أن أصبح اسما لهذه المدرسة.
لوحة للفنان “جورج رووه”
photo by: cea +بورتريه في المرسم للفنان “ديران”
الوحشية:–
هي أسلوب فني ظهر كرد فعل انفعالي متطرف ضد الميول الفكرية التي تسود الفن، والقوانين الصارمة الي لها أسس علمية وأكاديمية مختلفة، مثل الفنون الكلاسيكية أو الانطباعية. وتعتمد هذه المدرسة أسلوبا بسيطا جدا، وتنادي بأن يكون الفن بأبسط صورة مُمكنة، وأقل تعقيدا مما تقوم به المدارس الدارجة في ذلك الوقت. لا بل وقد دعا البعض إلى أن يعود الفن إلى فطرة الطفولة وسذاجتها كذلك، وألّا تشوبه أي شائبة من قوانين ومحددات للإبداع الفطري.

photo by : cea +
النشأة والروّاد:-
كما ذكرنا مسبقا، فإن هذه المدرسة قد نشأت صورة وضيقا بالأساليب التقليدية المدروسة، وقد تضمنت العديد من الفنانين، كماتيس وجورج رووه، كارميه، مانجون، كاميون، بوى، ديران، وفلامينك.. وغيرهم وإن.ما جمع هؤلاء الفنانين وربط بينهم، ووحد رؤيتهم التي جعلتهم يتقبلون فكرة هذه المدرسة بشكل عام، هي حقيقة كونهم قد درسوا.وتتلمذوا على يد الأستاذ جوستاف مورو، وتشربوا تعاليمه الحرة في الفن، وحتى بعد وفاته فقد قام ماتيس بتجميعهم وإعادة توحيد كلمتهم، كوّنه أكبرهم عمرا وأعظمهم خبرة
هنري ماتياس (1869- 1954)
أهم فناني القرن العشرين، واحد أهم المدافعين عن اللون الزاهي والصراخ، شغفه وحبه الفن دفعه لترك مجال القانون والتوجه لدراسة الفنون من جديد، وكان ماتيس ذو نظرة فنية رائدة ومُستقلة، له العديد من الأعمال التي عبّؤ من خلالها عن مفاهيمه الخاصة للجمال. (اقرأ المزيد عن ماتيس من هنا)

جورج رووه (1871- 1958)
تعلّم الرسم من جده، ودرس الزجاج المعشق، عاش حياته كلها في باريس، واهتم باللون كزميله ماتيس، إلا أنه اهتم على وجه التحديد بدسامته وكثافته. ساعدته اهتماماته الدينية على دراسة لوحات شخصية للمسيح ورموز دينية متعددة.
(اقرأ المزيد عن جورج رووه من هنا)

الأسلوب:-
يقوم الأسلوب في الوحشية أساسا على التلقائية والبساطة المفرطة، والبدائية بالأسلوب، بالإضافة إلى تعزيز دور الدوافع الغريزية التي تكشف عما يحتدم في أعماق الفنان من صراعات
وقد استوحت المدرسة من اسمها الفطرة البدائية المتوحشة، ووحشية الأنفعال الصارخ، والألوان النقية، بالإضافة إلى تشويه الأشكال وتحطيم الخطوط التقليدية التي استعملها الفنان -في مدارس فنية سابقة- لتخطيط عمله بإحكام.
وقد أولى الوحشيون عناية خاصة برفع شأن اللون الزاهي، واستعمال الألوان الثانوية والأولية بكثرة ووضوح في العمل الفني، بالإضافة إلى استعمال طرق بسيطة جدا ومبتكرة، كالتنقيط مثلا، أو استعمال الزخارف الشرقية والفارسية، واستعمال رموزا مستوحاة من الفنون اليابانية القديمة. واكثر ما يمكنك ملاحظته في الأعمال الوحشية، هو استعمال الأوان في غير موضعها، فقد ترى سماءا حمراء، أو أجسادنا زرقاء.. من الجدية بالذكر، هو أنهم قد استخدموا التضاد بالألوان بكثرة، وقد اتفقوا مع الانطباعية في ذلك (اقرأ عن المدرسة الانطباعية من هنا)

photo by: Irina

photo by: William Allen
أما فيما يتعلق بالظلال والنور، فقد اهملها الفنان الوحشي كما أهمل التخطيط، فترى ماتيس مثلا مهتم بإنارة اللوحة ككل وتحرير اللون أكثر من اهتمامه بالعلاقة بين الظل والنور، بالإضافة إلى استعماله الارابيسك والنقش العربي بكثرة.
ويُذكر عن الرائد “ماتيس” قوله بأنه لن يكتفي بتوضيح مشاعر نضرة والسطحية من خلال عمله، ولكنه يريد أن يكشف مشاعر عديدة وواسعة لصناعة لوحة تلخص المفهوم الذي يحمله عن الجمال.

photo by: Ralph Daily
ملخص أهم ما اضافته الوحشية :-
1)البناء المسطح للعمل، فلم تهتم بتجسيد اللوحات.
2) تمهيد الطريق بجرأة لمن بعدهم باستعمال اللون بحرية على السطح، دون الاكتراث للظلال والنور.
3) تبسيط الأسلوب إلى أبعد مدى، وتحطيم القواعد واستعمال الأسلوب السهل الممتنع
4) تعزيز قوة التعبير الحر، واستخدام التعبير الرمزي الذي استوحي من الزخارف النقوش في ثقافات متعددة، وأعاد إظهارها في اللوحات من جديد.
5) الضوء المتجانس في العمل.

المراجع:-
1- البسيوني،محمود: الفن في القرن العشرين،مركز الشارقة للإبداع الفكري.
2- محمد،حسن: مذاهب الفن المعاصر، مركز الشارقة للإبداع الفكري.
3-الخوري،مهاة: (1988): الفن في القرن العشرين،دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر