لوحة “جولة الحراسة الليلية” – 1642م
للفنان الهولندي “رامبرانت”
المواد: زيت على كانفاس
حجم اللوحة: 363 * 437 سم
تعتبر هذه اللوحة -ذات الحجم الهائل – واحدة من أهم اللوحات الهولندية، تصور اللوحة جولة لمجموعة من الحرس في ساعة متأخرة من الليل، حيث يمكن اعتبارها بورتريه جماعي، الأشخاص في اللوحة على درجة عالية من الوضوح من حيث الشكل والهَوية، فقد قام الفنان بتدوين أسماء الأشخاص الظاهرين في الصورة على ظهر اللوحة؛ مما يشير إلى واقعية هذا العمل على مستويات عديدة، ومما يشير بدوره أيضًا إلى أن الفنان لم يفتح المجال لخياله بصورة كبيرة، فقد اعتمد على تصوير هذا المشهد الواقعي فقط.
وعلى الرغم من واقعيتها من جانب، إلا أنها تبدو غامضة جدا من الجانب الآخر، فهنالك تناقض بحركات ولغة جسد الشخوص، فهذا التناقض غير المبرر يضيف على العمل شيئًا من الغموض، غير أنه يبدو غريبًا عند تتبعك التفاصيل بصورة أقرب؛ فترى من هو مشغولا بحشو بندقيته، ومن هو متأهب وكأنه في حرب ما، وفي جانب أخر من اللوحة يظهر طبّالًا يقرع طبوله كمن يحيي حفلًا موسيقيًا ضخمًا، بالإضافة إلى تشتت أنظار شخصيات اللوحة، واختلاف الأماكن التي ينظرون لها، وكلما تأملت اللوحة أكثر كلما ازدادت احتمالية إيجاد هذه التفاصيل غير المفسرة.
مركز اللوحة والإضاءة
يظهر في وسط اللوحة (فرانس بانينغ ) عمدة أمستردام في ذلك الوقت (أوساط القرن السابع عشر )، يرافقه الملازم (ويليام فان رويتينبورش)، وكعادة رامبرانت في أعماله يلعب الضوء دورًا مهمًا في تعزيز ظهور مركز العمل، فعلى الرغم من عتمة الجو العام للوحة والألوان الغامقة المسيطرة عليها؛ إلا أنك لا تملك سوى أن تتوجه مع الإضاءة إلى وسط اللوحة حيث العمدة والملازم، ولعلك هنا تتساءل حول الشخص الثالث الذي يأخذك الضوء إليه؛ إنها السيدة البيضاء في الخلفية، للوهلة الأولى تشعرك هذه السيدة بالغرابة حيث يصعب عليك تحديد عمرها وحالتها النفسية أو حتى شكلها، فهي تبدو شفافة تجلس بهدوء تناظر العمدة ورفاقه تحمل ديكا أو دجاجة، قد ترمز التفاصيل من حولها لأمور عديدة لكن الطابع العام الذي تتركه هذه السيدة هو تعويذة ما في وسط العمل.

عمدة أمستردام

الملازم (ويليام فان رويتينبورش)

السيدة الغامضة في المركز
على الرغم من أهمية هذا العمل تاريخيًا إلا أنه قد تلقى نقدًا لا بأس به من عدد من النقاد، فقد قام البعض بوصفه أحد أسوء أعمال رامبرانت، وبأنه قد أظهر أسوء ما فيه كفنان، أما بالنسبة لي يبدو هذا النقد غير مفهوم.
من الجدير بالذكر أن اسم اللوحة الأصلي ( the night watch ) قد تمت ترجمته إلى عدة أسماء في اللغة العربية، منها: الحراسة الليلية، المناوبة الليلية، جولة العسس، دورية الليل.
المراجع :
-مصطفى، صلاح(1977): أساتذة الماضي، وزارة الثقافة السورية
مذهلة حقاً تفاصيلها ودقتها .. شكراً لكم المقال رائع