سارة قائد هي فنانة ورسامة كاركاتير بحرينية ولدت في المنامة عام 1990، درست التصميم الداخلي عام 2012 لتكمل الماجستير في الفنون عام 2015.

ببساطة أسلوبها وعُمق رسالتها تعبر سارة قائد بشمولية عن قضايا متعددة، اجتماعية وسياسية، بتداخلاتها العديدة، لمعرفة أكثر عن أعمالها وما وراء هذه الأعمال، كان لنا هذا اللقاء معها.

 

حدثينا عن البداية. كيف بدأت رحلتك؟ ومتى أخذت قرار احتراف الفن؟

بدأت من عمر مبكر.. الرسم كان ممارسة ملازمة منذ الصغر، كنت من المواظبين على حصص الرسم في المدرسة (إن وجدت) وفي الحقيقة لم آخذ أي قرار للاحتراف وإنما الممارسة والتجربة المستمرة، وبالحديث عن الاحتراف -بمصطلح السوق- فإن النشر في الصحف لا يجعلني محترفة و ترك النشر فيها لا يجعلني عكس ذلك، أنا فقط أحب الاستمرار في ممارسة ما أحب، وأحب له أن يتبدل ويتوسع ويتأثر.

 

كمُصممة ورسامة كرتون، أين يختلف المجالان عن بعضهما البعض وأين يلتقيان؟

التصميم والفن (الرسم تحديدا) متصلان جدا .. من الصعب أن نحدد أين يقع كل منهم في العملية الإبداعية والإنتاج الفني لكنهم بكل تأكيد يلتقيان كثيرا.

 

كيف يمكن للرسام أن يمتلك أسلوبه الخاص وطريقته في التعبير التي تميزه عن غيره؟

الأطفال هم الفئة الأجدر للإجابة على هذا السؤال..

نولد بالفطرة ولكل منا أسلوبه الخاص، حتى يتدخل الراشدون، المجتمع، والأنظمة لتحويلنا إلى مقلدين، أو نسخ قريبه من بعض. لا أعرف إذا كان الأسلوب الخاص يأتي بإرشادات معينة، أو كيف نستطيع أن نجزم أساسا بأن فلان يملك أسلوبا خاصا؟ ألسنا جميعا تراكمات أفكار وأساليب ترتبط ببعضها البعض بشكل مختلف كل مرة؟ (أنا أفكر بصوت عالي هنا).

 

 

-بمن تأثرت من الفنانين؟ ومن منهم يلهمك؟

ناجي العلي، عبدالله المحروقي، محمد عفيفة، Morizio Catalan ، Francisco Goya، Rick Owens

والقائمة تطول .. كما أنني أتأثر كل يوم لما أقرأ وأشاهد.

 

 

أعمالك الكرتونية على اتصال دائم ومُباشر بالواقع، ما هي أهم المواضيع المجتمعية التي تعبر عنها أعمالك؟

أتناول مواضيع كالفساد، السلطة، الإنسان، تقلباته و سلوكه -على سبيل المثال لا الحصر-  وجميع ما هو مرتبط بهذه العناوين الفضفاضة . 

الجزء الأكثر قلقا بالنسبة لي ليس في اختيار الموضوع، بقدر ما هو ما أريد تناوله في الموضوع نفسه..أي الزاوية المختارة وطريقة الطرح، لنتحدث عن موضوع كـ “فلسطين” مثلا -وهو موضوع واسع- فيه احتلال، سلطة، فساد، ونكبة، وعنف للمرأة و الرجل، والطفل كذلك .. تناولي للقضية الفلسطينية لا يتوقف لكنه يتنوع في الطرح، وأتمنى أن يكون هذا التناول في صالح القضية مع متغيراتها حتى لاتذبل أو “نتطبع” منها بصريا، حيث أن حملات التضمان البصري والمطالبة بالعدالة يجب أن تستمر.

 

الشهيد أحمد عريقات

 

باللإضافة إلى أن هناك مواضيع أخرى تطرأ كحركة الـ “Black lives matter” والمظاهرات الأخيرة المناهضة للعنصرية والمنددة بوحشية الشرطة في الولايات الأمريكية المتحدة، تحمست كثيرا في طرح الموضوع وربطه بالواقع العربي مثلا الذي يمارس العنصرية ويعاني منها في الوقت نفسه، وفي طرح آخر -خصوصا مع بداية المظاهرات- كانت الكاريكاتيرات هي مساحة للتضامن البصري مع الحركة. وبالحديث عن الاتصال بالواقع.. صحيح أن الكاريكاتير متصل بالواقع، لكن أي واقع نتكلم؟ الواقع يتبدل بسرعة هائلة، حتى أنه يتبدل أحيانا قبل أن ينشر الكاريكاتير، لذلك بعد النشر يتصل الواقع بالعمل بطريقة أخرى .. فبدل أن يعكس الكاريكاتير واقعا .. ينعكس الواقع فيه … وهنا تظهر جماليات أخرى للعمل.

 

 

 

 

-بذات السياق.. كيف يتأثر فن الكارتون بشكل عام بالأحداث السياسة والاجتماعية برأيك ؟

تملك “الصورة” قدرة مذهلة في طرح الحدث، تتأثر كثيرا.. وتؤثر، فهي ليست انعكاسا للواقع فحسب، بل صياغة أخرى للحدث. و قد تحدث هذه الصياغة “الأخرى” أثناء ربط الأشياء ببعضها، تحليل ماسبق والتنبؤ بما قد يلحق الحدث.

 إنتاجي الفني مرتبط كثيرا بالاحداث اليومية، لذلك هو إنتاج متسارع، ولكن به مساحات مفتوحة كثيرة للتأويل، أكونها بشكل متعمد أحيانا، وهي مساحة من التأثيرات المهمة التي تشركني -وتشركنا جميعا- في السؤال أو التفكير في الحدث نفسه، أعتقد بأن هذه المساحة من التفكير والسؤال والفكاهة هي التأثير الحقيقي!

 

 

 

هل سبق وأن تلقيتي أي مضايقات من أي جهة بسبب واحدة من أعمالك؟ لا سيما وأن هذه الأعمال تُعبر غالبا عن مواضيع شائكة ومتشابكة عديدة.

 العمل في مجال كالكاريكاتير الصحفي يتطلب مساحة معقولة -ليس بالضرورة مطلقة- من الحرية، وهو ما نتفاوت في الافتقار بها في الوطن العربي، عندما يصحو رسام الكاريكاتير ويذكرنا كل يوم بأن هناك فساد، سوء لإستخدام السلطة، كبت لحق السؤال والمطالبة أو حتى التفكير! كل هذا تعكير لصفو من يمارس هذه الأعمال سواء كان الدكتاتور أو بطانته أو الفئة الصامتة،  فتُمارس جميعها قمعاً بمستويات مختلفة، وقد يكون أشد أنواع القمع هو الاغتيال كما حدث مع ناجي العلي، أكرم رسلان، ليلى العطار، العاملين في صحيفة  “Charlie Hebdo” ويأتي بعد هذا القمع أنواع شتى أكثر معاصرة مرتبطة بمكان النشر، مثلا أن تحذف منصات التواصل الاجتماعي كاريكاتيرات معينة، أو يرسل أحدهم ذبابه ومطبليه “الافتراضيين” للشتم والتهديد.

 

 

يحدث أيضا في مجال الصورة -بالأخص الكاريكاتير الصامت- توجهات مختلفة في الفهم، وقد يعتبرها الفنان سوء فهم للعمل، ويضع الفنان توجيه معين للفكرة والقارئ، لكن الإنسان بتعقيداته وأفكاره الخاصة يترجم العمل على عكس ما تشتهيه ريشة الفنان، فتقمع اللوحة بعكس ما أراد أصحابها قمعا خشنا أو لطيفا.

 

-باعتبارك فنانة عربية مقيمة خارج الوطن العربي هل تشعري بأنك تمتلكين مساحة أكبر للتعبير بحرية عن المواضيع؟

 هُنا في مكان إقامتي -في بريطانيا- بلا شك مساحات وفرص أكبر للتجربة والنقد والحوار،بالإضافة إلى التطور المعرفي وهو شيء من الصعب إنكاره، هذا طبعا لا يعني إعجابي المطلق بكل مايطرح في التجربة الكاريكاتورية والغرافكس وخصوصا في مساحات التعبير عن القضايا العربية واللاجئين. ومن الجدير بالذكر بأن نشر الأعمال لجمهور من مختلف التوجهات “بين الفهم العربي والإنجليزي” يمنح الفنان فرصة إطالة النظر في العمل أكثر ورؤيته من زوايا مُختلفة، فالانتقال منحني فرصة لرواية “القصة” والانصات أو التعاون مع غيري من الرواة.

 

 

-قضايا المرأة العربية اليوم للا حصر لها، كيف يمكن تظهر هذه القضايا من خلال عملك ؟ 

قضايا المرأة واسعة وتتقاطع مع الإنسان والمنظومة البشرية، من بينها قضايا تقع ضحيتها المرأة بشكل أكبر من سواها، والتعامل مع قضاياها كباقي القضايا وبالطريقة نفسها بصريا هو ظلم آخر لها.

 

قيادة المرأة للسيارة

 

 

-حدينا عن مشروع “أكمل” 

بدأ “أكمل” كمشروع لإعادة النظر في الكاريكاتير السياسي والاجتماعي بعد النشر كمساحة مشتركة للعمل، حيث أن العملية الإبداعية لا تنتهي بلحظة نشر الصورة وإنما تبدأ بها. يشجع المشروع المتلقين على تكملة الرسم بدون الوصول لصيغة نهائية ولكن المواصلة عليها،فيتحول الكاريكاتير كمُنطلق للحوار البصري بدل أن يكون فكرة أو عمل منفرد.

  

المزيد من أعمال سارة قائد:- 

 

عمل خلال فترة الحجر المنزلي

 

 

تباعد اجتماعي

 

 

إفطار عائلة

 

 

لبنان – اجا وقت نحاسب

 

بائعة المناديل – العراق

 

السودان