المهمة الأولى لفن الكاريكاتير هي توعوية تثقيفية وقيميّة”  هكذا يرى رسام الكاريكاتير الأردني ناصر الجعفري المهمة الرئيسية لفن الكاريكاتير , والتي قام بتأديتها لأكثر من خمسة وعشرين عاماً .

كيف مضت هذه الأعوام على ناصر الجعفري كرسام كاريكاتير بكل ما حملته من تحديات و عقبات وجهد ؟ هذا ما حدثنا به الفنان خلال لقاءنا الغني معه ..

بدأت بالتعبير عن قضايانا كعرب في سن مبكر من خلال الرسم ، كيف اتخذ هذا الرسم شكل الكاريكاتير لاحقاً ؟

كنت أميل للفنون التشكيلية بشكل عام ولم تكن موهبتي محددة بإطار أو توجه لتخصص معين ، ربما ركزت على فن الكاريكاتير لأنه في تلك الفترة الزمنية سطع نجم الفنان الكاريكاتيري ناجي العلي ، وكان الناس يتناقلون رسوماته ، ميزة فن الكاريكاتير بأنه فن سهل ممتنع ، سهولة فن الكاريكاتير كتجربة مغرية لمن هو بعمر مبكر ، فبدأت بمرحلة معينة على اعتبار أن فن الكاريكاتير هو الطريقة الأنسب للتعبير عني في ذلك العمر.

كانت وسيلة الإعلام الوحيدة المتاحة هي الصحف ، و بالتالي عندما تشاهد عملا فنيّا في صحيفة يمنحه قيمة إضافية ويشعرك باهتمام الناس فيه وأهميته ، بالإضافة الى أنه التجربة الشخصية للفنان ناجي العلي أعطت هذا الفن قيمة عالية جدا في قضية الاستشهاد والدفاع عن القضية .

نحن في الأردن معجونون بالقضايا السياسية العربية تاريخياً ، البلد يتفاعل مع كل الناس ومع كل شيء سياسي حوله ، وهذا مختلف عن الشعوب الأخرى التي تتفاعل مع قضاياها المحلية فقط ، أما بالنسبة لنا فكل قضية هي قضية محلية لأسباب كثيرة.

القضية المحلية في الأردن هي همّ الناس ووجعهم الاقتصادي والسياسي، لهذا كنت أميل لفكرة أنني أريد فنّاً يعبّر عن الناس ويكون وسيطا فيهم وليس فنّا نخبويا يوضع في المتاحف والمعارض ، ولكن فن على احتكاك مباشر مع الشعب ، هنا كانت البداية في الاهتمام بفن الكاريكاتير، كان الاهتمام طفولياً من تجربة طفولية , الخطوط طفولية والأفكار كذلك ، ولا يوجد متابعة في المرحلة الاولى ، لم اكتشف أنني امتلك موهبة أو مهارة خاصة في تلك المرحلة .

عمل للفنان بعنوان شهداء الأقصى

 

هل كان للبيئة من حولك دور في اكتشاف الفنان في داخلك ، سوآءً المدرسة أم العائلة ؟

كان هناك دور مهم للعائلة والمدرسة ، الدور المهم للعائلة يكمن وراء دراسة شقيقي للفنون الجميلة في إيطاليا ، ولم يكن هذا الأمر شائعاً في وقتها لأحد يسافر للخارج لدراسة الفنون ، كان أخي موهوبا بشكل كبير ولاقى دعماً كبيراً من والدي كي يدرس الفنون ، ولكن مع ذلك لم يصبح رسم الكاريكاتير المسار الأكبر في وقتها ، أنا أعتبر اللحظة المفصلية آنذاك كانت عندما انتقلت الى المرحلة  الثانوية في المدرسة ، كان مدرّس الفن جادًا في مسألة تدريس الفن ، وهنا تلاحظ الاختلاف؛ عندما يمر على الطالب عشرون او ثلاثون مدرّساً وتجد واحد فقط منهم يدرّس بشكل جدي . الشيء الذي حوّل المسار بالكامل هو حصة!

ففي إحدى المرات قرر المدرّس بأن تكون الحصة في استوديو الفن الخاص بالمدرسة، وهي مدرسة حكومية من مدارس عمان الشرقية حيث لم يكن هناك وجود للمدارس الخاصة ولم يكن هناك اهتمام بالفن ، فطلب منا في تلك الحصة رسماً كاريكاتيرياً ساخراً ، كان صعباً بالنسبة للموجودين استيعاب الفكرة ، أما أنا فكنت أعرف ما معنى ذلك,  فقمت برسم المطلوب ، وأذكر أنني رسمت -ولا أعرف ما السبب- بورتريه لشخص نصف وجهه حذاء عسكري ، وقمت بتسليم العمل ، ثم استدعاني المدرس بعد عدة أيام وانتابني خوف من أنني قد أكون أسأت لأحد أو إذا كانت هناك مشكلة في رسمي . فوجئت بأن المدرس يقول لي : “رسمك ممتاز وأنت رسّام كاريكاتيري، عليك أن تخطط لحياتك على أنك رسّام كاريكاتيري!”

تقدم العمل لمسابقة على مستوى العاصمة وحصلت على أول جائزة في حياتي من مديرية التربية والتعليم لمدرسة صلاح الدين في الأشرفيّة،  وكانت هذه بداية ومع ذلك نسيت الموضوع لأنني احتجت الى الاستمرارية ، لم اكن اعرف الاستمرارية، كنت أعرف فقط بأنني امتلك موهبة ، و أرسم لزملائي في الصف احيانا، أقوم بعمل خربشات في المنزل وفي المدرسة فقط بهدف التسلية ، أذكر مرة في حصة الفيزياء كنت أرسم المدرّس، وباعتقادي أنه لم يكن يراني، وبعد انتهاء الحصة قال لي: “ناصر هل بإمكاني الذهاب ام تريد مني البقاء كي تكمل؟”

هل تحتفظ بهذه الرسومات إلى الآن ؟

أحتفظ ببعض رسوماتي في البدايات لسبب أنها كانت ورقية، فالأوراق ما زالت موجودة ، ولكن بعد ذلك عندما انتقلنا لرسم (الديجيتال) أصبح الاهتمام بالأعمال أقل، فهناك مطحنة عمل يومي في الصحافة ، احاول أن أتخلص من ارتباطي بكل رسم فور الانتهاء منه ، وهذه أعتبرها سيئة بالطبع ، وهذا له علاقة بالعمل في الصحافة ، فكل يوم عندي عمل جديد .

عمل بعنوان (سيلفي عربي)

 

كانت قصة المسابقة التي فاز فيها عملك على مستوى العاصمة ورأي مدرّس الفن فيك عندما قال “أنت فنان كاريكاتير وأكمل حياتك على هذا الأساس” يعد دافعاً كبيراً لك نحو فن الكاريكاتير في مرحلة الثانوي ، لماذا اتخذت إدارة الأعمال تخصصاً في الجامعة ؟

الأهل من منطلق واجبهم ، والمجتمع بطبيعته يقوم بتوجيهك نحو مسار حياتي عملي ، في نظرهم أنت تمتلك موهبة ولكن كيف ستعمل بها؟  اليوم نحن ندرك كم هذه النشاطات اللامنهجية مفيدة ومثمرة للمستقبل ، فهناك أهالي يخططون لأبنائهم أن يدرسوا الموسيقى وهم أطفال . فالوعي زاد والفرص زادت وأصبح العالم مفتوحاً لمن يعمل بالفن وهو في بلده .

في وقتي كان المجتمع بسيطاً ، فالموهبة مجرد شيء ثانوي الى جانب دراستي الأكاديمية ، وانا لم اكن واضحاً فيما أريد، لم أرد دراسة إدارة الأعمال ولا تخصص معين . حتى أنني لم أعمل بشهادتي ، عملت في مجال التصميم (الجرافيكي) لفترة .

ولكن في بداية دراستي ارتبطت بأول مؤسسة صحفية عربية كانت موجودة في فرنسا ، قمت بإرسال عمل لها وكانت البداية وأول عمل بمكافئة ، هي جريدة مهتمة بالكاريكاتير وتضم اثني عشر رسّاما من الوطن العربي وكانت مقروءة بشكل كبير ، لأن طابعها ساخر وسياسي . قمت بإرسال العمل على أمل ان يكون لي مكان بينهم ، ففي عمّان لم يكن ممكناً أن تدخل مبنى جريدة ، في حال لم تكن على معرفة بأحد من داخل الجريدة.

نُشر العمل على الصفحة الأولى وقاموا بصرف مكافئة بقيمة خمسين دينارًا ، كان للأمر وقع كبير عليّ كطالب بأن يُعترف بموهبتك من قِبل جريدة وكان ذلك في عام ١٩٩١ .

 

في عام ١٩٩٧ عُدت لدراسة فن الكاريكاتير في جامعة بنسلفانيا , حدثنا عن ذلك..

في هذه الفترة كان لي تجارب عمل مع مؤسسات صحفية ، في الأردن كانت هناك جريدة الرأي وجريدة الدستور وكان يوجد رسام كاريكاتير واحد في الجريدة الواحدة وهو من يبدأ عنده الأمر وينتهي، فإذا أردت مقابلة أحد من الجريدة سأقابل رسّام الكاريكاتير وهو لن يقل لي تفضل مكاني ، وفي الوقت ذاته في دول أخرى كان هناك جرائد فيها ثلاثون  رساماً،  كمصر مثلاً . لم يكن هناك مكاناً او اهتمام حقيقي للموهبة او مردود لهذه الموهبة سوآءً معنوياً أو مادياً . انقطعت فترة طويلة حتى عام ١٩٩٧ .

كيف استفدت من تجربة الدراسة في جامعة بنسلفانيا ، وهل هي ضرورة لكل شخص يمتلك الموهبة أن يدرس؟

كانت هذه التجربة مفارقة غريبة حيث لم تكن الدراسة عن بُعد شيئاً مألوفاً ، كانت جامعة بنسلفانيا قد أعلنت عن برنامج دبلوم في رسم الكاريكاتير في أحد الجرائد ، والفكرة ببساطة هي أن تلتحق بالجامعة ثم تُرسل لك الكتب عبر البريد وتمتحنك ، كانت هذه الفرصة لفترة وجيزة جدا وانا سعيد لاستفادتي منها ، كانت تجربة مفيدة جدا وشيّقة ، فهناك لهفة عند انتظار البريد القادم من الجامعة ، ويكمن ذلك في التساؤل عن محتوى هذا البريد وماذا أرسل الدكتور لي ، ثم تعاود الإرسال لهم وهكذا… كانت المراسلات عبر البريد تأخذ أسبوعين بحكم المسافة بيننا وبين  أميركا ، فأخذت دراستي للدبلوم العالي مدة ٣ سنوات .

واكتشفت لاحقاً بأنه يمكنني مصادقة هذه الشهادة والعمل بها ، ولكن هدفي الأول كان التعلّم ، من الأشياء التي أذكرها الى الآن هو تعليق أحد الأساتذة: “يبدو أنني لا أمتلك شيئا لأضيفه لك” كان لهذه الجملة تأثيراً إيجابياً كبيراً عليّ ، كالأثر الذي تركه دعم أستاذ المدرسة ، أو كموافقة رئيس تحرير بنشر عملي رغم ان اسمي غير معروف .

هنا بدأت التجربة ، وأصبحت فرصة وجود صحيفة مختلفة بالأردن وهي “العرب اليوم” وكان فيها مجال لرسامين كاريكاتير وكنت من ضمنهم .

نعم أنصح كل شخص يمتلك الموهبة بالتعلم وتطوير موهبته واستثمارها ،  عندما ترغب بالاطلاع على ثقافة بلد وحضارته تقوم بزيارة المتحف في هذا البلد ، تشاهد آثاره والأعمال الفنية فيه ، تشاهد السينما والمسرح ، فهذا هو الباقي .

مسألة النصيحة للجيل القادم باحتراف الفن مسالة تحتاج للتوقف عندها ، فاليوم الفرص المتاحة كثيرة ، والعالم مفتوح والاتصال سهل ، وبنفس الوقت هناك معطيات سوق وحياة، وكل شخص يقيس تجربته حسب حاجته ، ولكن من يمتلك الموهبة يجب أن يدرس لتنمية موهبته .

 

 

 

 

 

 

 

 

آراء بعض الفنانين حول الدراسة بأنها تضيع الأسلوب الفطري لدى الشخص الموهوب ، هل توافقهم؟ 

صحيح جزء كبير منه حقيقي ، بالنسبة لتجربتي فأنا لم أتأثر لسبب انها كانت على جانب التجربة، فقد كنت رساماً كاريكاتيراً بالأصل وأعمل على تنمية موهبتي بنفسي ولم أكن على احتكاك بالواقع الفني لدرجة أن يؤثر علي ، فحتى صداقاتي لم تكن من الوسط الفني والتشكيليين ، أزور المعارض وأتابعها ولكنني بعيد نوعا ما حتى تبقى التجربة في إطار تجربة عفوية. .

ولكنني حتى هذه اللحظة وانا اتعلم ، اتعلم بشكل يومي وأغذي نفسي بالقراءة ورؤية اعمال فنانين آخرين ، ولأنني أمتلك مجلة مختصة بنشر رسومات الكاريكاتير فأنا اتابع كل ما يصدر من اعمال كاريكاتورية في العالم .

فبذلك أنا أتعلم بشكل مستمر ، ليس مهما أن تتعلم أكاديمياً إذا كان هناك رغبة بالاستمرار بالتعلم اللامنهجي المهم أن تبقى رغبة التعلم موجودة .

 

بالتأكيد عملك كفنان كاريكاتير يشكل مسؤولية كبيرة ربما ،تجاه قضايانا كعرب , هل يأتيك شعور بالتقصير اذا لم تتناول قضية معينة في رسوماتك؟

المسألة تخضع لهوى الفنان الشخصي، بمعنى أين تكمن اهتماماته ، ممكن ان يكون هناك فنان كاريكاتير ناجح لا يرسم إلا قضايا محلية ، وممكن أن يكون هناك فنان كاريكاتير همه رياضي ، وتخصصه هو التعبير عن الرياضة بما يهم الناس .

أن تكون رسّاماً كاريكاتيراً في صحيفة يجب عليك أن تعرف كل شيء وتهتم بكل شيء وتعرف مدى ارتباط هذه الاشياء ببعضها . مررت بكثير من مواقف تشبه أن يسألني البعض لماذا ترسم عن الصين مثلا او عن لبنان وهذا السؤال كان يوجهه لي رسامو كاريكاتير في بعض الأحيان ، اذا لم يمتلك رسّام الكاريكاتير بعداً معرفياً وثقافياً ويدرك مدى ارتباط هذه القضايا ببعضها ، لا يمكن ان يتحول الى رسّام كاريكاتير محترف ، لماذا يرسم الرسام الألماني عن سوريا ؟ لأنه يعرف البعد الإنساني ومدى اتصال العالم ، بالنهاية اصبح هناك كارثة في سوريا وأصبح هناك أزمة لاجئين انتهى بهم الامر في بلده . وأيضا في الاردن ، الأردن يحتوي على أكبر عدد لاجئين قياسا الى نسبة السكان فبالتالي أنت لست بمعزل عن أي قضية .

إضافة الى بعد يتعلق بي بشكل شخصي، وهو أنني ما زلت أؤمن بأن هذه الأمة واحدة ، لها هموم ومصالح مشتركة وما يجمعها اكثر بكثير مما يفرقها ، وبشكل او باخر سوف يكون هناك شكل من أشكال الالتقاء بين هذه الاقطار العربية بحيث تصبح قضيتها واحدة بشكل فعلي وحقيقي . فبالنسبة لي فأنا معنيّ باليمني ومعني بالموريتاني ومعني بكل القضايا العربية وأعتبرها همّ شخصي.

 

 

 

 

 

لاحظنا أنك تركز على القضايا السياسية أكثر من غيرها ، هل كان لتركيزك على القضايا السياسية في أعمالك جانباً سلبياً من حيث عدم تعبيرك بشكل حر تماماً ؟

عندي قناعة مطلقة أنّ كل ما يحدث بالعالم هو سياسي من حيث بُعده ومرجعيته ، نعيش اليوم أزمة وباء ، لو أخذنا نظرة سريعة فهو موضوع صحّي فقط ، عندما ننظر الى حجم استثماره سياسياً فهو موضوع سياسي و كيف أن الحكومات كيّفت الموضوع تجاه تحقيق أهدافها السياسية سوآءً في الأردن أم في العالم . البعض يقول بأنها مؤامرة ، لكنّ الأصح بأنه موضوع صحي فقط ولكن الحكومات كيفته لصالحها .

رغيف الخبز سياسي ، عدم توفر فرصة عمل لك بعد الجامعة له بعد اقتصادي لكنه بالنهاية سياسي. كل شيء هو سياسي .

بالنسبة للحرية ، حجم الحرية بالنسبة لفنان الكاريكاتير محدود، فالرسام لا يمكنه نشر كل ما يخطر في باله ، هناك مقياس للفائدة والضرائب ، الكاريكاتير طلقة ، اذا خرجت لا تعرف من أصابت ولكن بالنهاية لا يمكنك الرجوع عنها . الكاريكاتير رأي ويجب أن يُرد عليه برأي لا بعقوبة .

يمكن للفنان أن ينشر رسمه عن أزمة معينة بنية إثارة الرأي العام ، ولكن هناك مسؤولية مجتمعية على الفنان وهي أن يعرف الخط الفاصل بين حريته وإيذاء الآخرين .

لقد أخذني الكاريكاتير الى أماكن غير متوقعة ، أخذني الى تكريمات بأماكن فارهة وجوائز ، وأخذني الى محاكم . المسؤول العربي لا يحتمل أن يُرسم ، رغم أنني كرسام كاريكاتير لا أرسمك كشخص أنا فقط أرسمك بحكم منصبك الوظيفي وأداءك ، ولكن هذا الفَصل صعب وليس فقط بالوطن العربي بل بالعالم . عندما كنا نعمل في الصحف اليومية كنا نتعرض لتهديدات واتصالات تخويف واتصالات ودّ وإغراءات، كنا نخضع للمحاكمة أحيانا وقد خضعت شخصيا لمحاكمة رفعها علي مجلس النواب، رغم أنه هيئة تشريعية وكانت مدتها تسعة أشهر.

 

 

 

 

 

إلى أي درجة يؤثر توقيت مشاركة الرسام عمله مع الجمهور على تفاعلهم معه ؟

جدا، الحدث هو يحدد حجم التفاعل بالدرجة الأولى والتوقيت يحدد سرعة التفاعل وأهميته ، عندما كنت مرتبط بالصحافة كنت أشعر بالتوتر بأنني أريد أن أنشر العمل حال إنجازه وليس بموعد النشر الذي يكون في ساعة متأخرة من الليل .

هناك نوعين من الرسومات؛ رسمة تصلح لكل الأوقات، تحكي شيئاً إنسانياً أو قضية عامة أو فكرة صالحة لأي وقت ، وهناك رسمة حدث يومي ، لذلك من المهم مواكبة الحدث في وقته.

عمل للفنان تضامنًا مع المصوّر الصحفي معاذ عمارنة بعد إصابته في عينه اليسرى برصاصة أطلقها عليه جنود الاحتلال

 

لا يحبذ الفنانون بشكل عام فكرة الالتزام بالرسم كوظيفة ربما لأنه يعتمد على الإلهام الذي لا يأتي كل يوم ربما ، وأنت كرسام كاريكاتير عملت في عدة مؤسسات صحفية مطلوب منك أن ترسم بشكل يومي تقريبا.. هل أثر ذلك عليك بأي شكل سلبي ؟

نعم هذا الشيء تأثيره سلبي وكبير ، لا يمكن لرسام او اي شخص يعتمد عمله على الإبداع ان يقدم عمله بنفس الجودة كل يوم ، مشكلة العمل اليومي أنك ملزم بالكمّ ، ومشكلة الصحافة العربية أنها تفهم الوظيفة ككمّ ، هناك رسّام كاريكاتير أوروبي رسم نفسه وهو يمسك الجريدة ومكان الكاريكاتير مقصوص وفارغ وكان يستخدمها عندما لا يمتلك فكرة ، ولكن انا في الاردن لا يمكنني ان أقول لرئيس التحرير لا يوجد لديّ فكرة. اذا قمت بممارسة الشيء الذي تحبه مرة او مرتين في الاسبوع سوف تشعر بشيء من الاشتياق له ويكون هناك تخمّر للفكرة ، فكرة الالتزام تركز على الكم على حساب الجودة ، هناك ايام يكون لدي رغبة شديدة للرسم وأيام أخرى يكون الرسم اصعب من اي جهد بدني ، وهذا دفع الكثير من رسامو الكاريكاتير العرب ان يعيدوا إنتاج أعمال من الأرشيف ويكيفوها مع الحدث، لا أراه شيئاً صحياً ولكنه ربما يكون ضرورياً  أحيانا . فالمطلوب منك رسم ٣٦٠ عمل كاريكاتوري في السنة وهذا يحوله الى عمل ميكانيكي اكثر مما هو فنّي.

مثال على إعادة إنتاج العمل

 

ما هي مهمة الكاريكاتير بالنسبة لناصر الجعفري؟

المهمة الأولى بالنسبة لي هي توعوية تثقيفية وقيميّة ، اليوم يوجد جيل جديد ممكن أن يصادف رسم كاريكاتير على مواقع التواصل الاجتماعي او في جريدة ، فيجب أن تثبَّت قناعات عند هذا الجيل بقضايا رئيسية ، أولها هو أنه صاحب حقّ مغتصَب كإبن أمة عربية او إسلامية ، يعتبر تأثير  المادة المرئية والمسموعة للكاريكاتير وفقاً لدراسات علم النفس مثل الكرتون الذي يشاهده الاطفال على التلفاز، يدوم  حتى أربعين عاماً ، حجم الإنتاج العربي من المواد المرئية سواء كرتون او سينما او غيره هو ٠.٥ ٪؜ من الإنتاج العالمي .

لذلك نحن نستقبل هذه المواد من دول أخرى قيمها وثقافتها ولغتها مختلفة تماماً ، وسائل الإعلام اختلفت اليوم فلكل جيل وسائل خاصة به ، المطلوب من الكاريكاتير أن يضع الرسائل الإيجابية في كل مكان حتى تعلق في مخيلتهم ، الكاريكاتير ليس للتسلية أبداً ، الكاريكاتير لزرع قيم معينة وتثبيتها ، هنا تكمن مهمته الرئيسية

 

المزيد من أعمال الفنان..

لبنان ينتفض