فنان اليوم هو الفنان العراقي أسامة حمدي، الذي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالرسم منذ طفولته، ولا يُخفى شغفه على أي ناظر لأعماله، قد تأملنا أعماله مطوّلًا قبل التحضير لهذا اللقاء، وبالقدر نفسه قد تأملنا إجاباته على ما وجهنا له من أسئلة.
ولد الفنان عام ١٩٧٤م في البصرة وعاش فيها. و يحمل شهادتا البكالوريوس والماجستير بالفنون من جامعة البصرة، الأولى عام ١٩٩٦ والثانية عام ٢٠١٤.
نترككم الآن مع إجابات الفنان قراءة ممتعة
- متى بدأت الرسم ؟
غالبا ما تكون الإجابة عامة على هذا السؤال لأن الطفولة ترتبط بالرسم لطبيعة الرسم العبثية والتلقائية في التأثير على الطفل واستدراجه لقوى الرسم الخفية ، علاقتي بالرسم نشأت هناك في زمن طفولتي ولا أحسبني أتذكر يومًا إلا وفيه أقلام ملوّنة وشخابيط، رباط وثيق شدني ولا زال إلى مساحات بيضاء أفتح فيها فم الخيال ليتحدث بلغتي وأشكالي وعوالمي.
- ما الذي ساعدك على تعلم الرسم؟ وبناء مهاراتك بهذه الصورة -ولا سيما في البدايات- ؟
الشغف.. الشغف هو المحرك الذي كان يقودني إلى اكتشاف الرسم لا يوجد مُعرف لفظي لما كان يقودني إلى الرسم وإتقانه، ربما هو أمر تكويني في كيان الإنسان يحدد ميوله ورغباته لا أدري ولكني مع الرسم لا أشعر إلا بالشغف..ففي ناحية نائية مثل (الهوير) البعيدة عن مركز البصرة لا يمكن التماس مع فنانيين أو محترفات فنية فقط هناك صديق لي كان طالبًا في معهد الفنون الجميلة(خليل عبد محارب) كان يشحذ ويوجه طاقتي إلى رسم الأشكال الأكاديمية، أما مهارة الرسم فهي لا تتحدد بزمن لكي نؤشر نضوجها هي متحركة مع فعل الرسم نفسه، ممارسة الرسم تفرض شروطها بما تحدده وجهة الفنان في أي زمن من أزمان وعيه الفني وموضعاته وهمومه.
– ذكر لنا أبرز المعارض التي شاركت بها ؟
لدي مشاركات ومعارض جماعية ضمن نشاطات جمعية التشكيليين العراقيين كثيرة لا يسعني ذكرها، أما الخارج فليس لدي مشاركات، ولا معارض شخصية وليست من أهدافي ربما تكون في مرحلة مقبلة، لعدم ضمان تحركها ضمن ضوابط رصينة تضمن نجاح تجربة معرض جماعية أو فردية، أضف إلى ذلك لازالت نمطية إقامة أغلب المعارض والدعوات، أسيرة لعلاقات خاصة ومصالح بحته، مع عدم نفي الرصانة عن بعض القاعات المرموقة والمهرجات المدعومة مثل بينالي القاهرة وغيره. نعم توجد مقتنيات كثيرة من أعمالي في بلدان عربية وأوربية وهناك مشاريع فنية مهمه ومصيرية بالنسبة لي قريبًا سيتم الاعلان عنها .
– ماذا عن التكريمات والجوائز ؟
ليس من الضروري أن يتحدد الفنان ونتاجه بهذه الجوائز والتكريمات لكونها مشاعة ومباحة في الساحة العربية التي تفشت فيها المهرجانات السياحية التجارية المؤطرة بصورة معارض فنية وتمنح الألقاب والجوائز والتكريمات مع ارتفاع المبالغ المدفوعة من الفنانين.
– ما هي أبرز المواضيع التي تعبر عنها من خلال أعمالك ؟
موضوعاتي تعبيرية ناقدة أميل إلى المحفز والمحرك الواقعي الذي يستحث موضوع الرسم وأعتمد تقنيانتي الأكاديمية في التعامل مع الأشكال الجديدة التي لا تستقر على أسلوب معين أو أُغادرها بحسب مقتضيات وشروط العمل الفني. تجد السياسة حاضرة والهم الإنساني والهاجس الذاتي بشكل واضح في أعمالي التعبيرية، أما الواقعية فليس عندي ميول تجاه موضوع بعينه، ارسم ما يثيرني سواء كان موضوعًا بسيطًا أو معقد الأمر سيان.
– ما هو مصدر الوحي بالنسبة لك؟ من أين تستمد إلهامك ؟
الواقع أعظم ممول للفن، الواقع يريك الأشياء بسخاء وتنوع ما على الفنان إلا أن يكون راصدًا ذكيًا وانتقائيًا بارعًا في اصطياد المفردات وإحالتها إلى أعمال فنية، قد تكون مفردات واقعية أو شخوص أو مخلفات مهملة أو لقى أثرية أو أحاديث تاريخية أو أحداث معاصرة ضاغطة ولا ننسى التأثير الكبير للهيمنة التكنولوجية في عالمنا المعاصر وتأثيرها على الهموم الفنية والذائقة العامة طبعًا عملية أنتاج نص بصري مؤثر يمر بسلسلة طويلة من عمليات ذهنية وتحويرات شكلية ومراس عملي تجريبي على فكرة أو موضوع معين قد يستمر ليكون تجربة أو أسلوب أو تكون متحولة إلى مديات أكثر انفتاحًا وتحولًا بحسب زخمها الجمالي وجدواها وتأثيرها الزمني على الفنان نفسه وعلى المتلقي.
– من دَرَسك الفن ؟؟ وبمن تتأثر من الفنانين؟
أبرز من درسني الفنان عدنان عبد سلمان ود. جنان محمد..وكنت مولع ولازلت منذ بداياتي الأولى بالفنان الهولندي الكبير ( رامبرانت) والروسيين (ربين وسيروف) والعراقيين (فائق حسن ومحمد مهر الدين) .
– بما أننا -في إطار فني- نعمل على مفهوم “الفن بالعربي”، وتعزيز دور الفن بالمجتمع، برأيك ما الذي ينقص الفن بمجتمعاتنا ؟ لماذا يكون الفن بعيدًا عن الناس بشكل عام في الوطن العربي ؟
القطيعة من كلا الجهتين قسرية وليست اختيارية أو مبنية على تقصير الفنان والمتلقي سببها عدم وجود وعي مؤسساتي في دولنا العربية لأهمية الفن في التربية بصورة عامة بخلاف الدول الأوربية التي تربي أجيالها على أساس فني متواصل مع الفن وطبيعته الإنتاجية التوليدية للتفكير وانفتاح الخيال وتربية الذائقة، فلا توجد مؤسسة تربوية تجعل الفن وسيلة للإنتاج، الرسم منتج أفكار وتطبيقات عملية فهو محفز لتشييد عوالم جديدة بخلاف بقية المواد الدراسية الأخرى التي تكون استهلاكية فقط. إذا تم ردم الهوة الكبيرة بين الفن والناس تربويًا سأضمن لك علاقة حقيقية بين الفنان ونتاجه والجمهور وذائقته.






