الاستمتاع بالفنون الجميلة وتذوقها عند الشخص العادي غير المطلع يكون غالبا محددا بالاتجاه الذي يقيس أهمية عمل فني ما . بواسطة مدى الإثارة والمآسي التي في حياة الفنان .

ومهما يكن الامر فإنه ليس من اللازم أن يكون الاتجاه الابتدائي لعمل فني ما غامضاً أو معقداً.
فليس لدى كثير من الناس أية معرفة فنية مهما يكن نوعها ، ولكنهم يستخلصون المتعة من أبسط صلة حسية بصورة ما، او بتمثال ، أو بناء ، أو بعمل آخر .

الرغبة المادية
هذا الإحساس الأول بالمتعة المادية . هو ما قد نشعر به عند مشاهدتنا لرجل حسن المظهر او امرأة حسناء او منظر طبيعي جميل .
وليس هناك -على سبيل المثال- حاجة الى فهم عميق للفن حتى نقدر الجمال الجسمي المحض في لوحات رونوار .
وحقيقة اخرى هنا كذلك . وهي أنه عندما يضاف عنصر الفهم ، وعندما نتحقق مما كان الفنان يحاول عمله وكيف وصل الى هدفه ، فإن الاستمتاع الممكن حدوثه يصبح أعظم بكثير.

الوجهة العاطفية
ان الشخص نفسه الذي يستمتع بعمل فني من اجل صفات الشكل المادية كاللون والملمس والاتزان غالبا ما يشتق منه انفعالاً مماثلا أولياً وممتعاً .
وكما تصبح الماديات اكثر تعقيداً كلما تقدمنا في الحياة ، تصبح معاني الفن الحقيقية في عمق متزايد ، وتضيف الى نفسها عناصر مترابطة : روائية ، ذهنية ، عملية ، رمزية ، أو دينية .
ويمكن لمزيج من العمل المادي والعاطفي أن يوضح في تمثال أفروديت الذي يروقنا لجمال شكله ولنوع صياغته الحالمة أيضاً ..

العامل الروائي
للعامل الروائي . والمضمون القصصي في عمل معين ، فوائد كثيرة ممكنة بالنسبة لاتجاهنا الابتدائي . فهو أولاً وقبل كل شيء يساعدنا على تفهم ما كان في ذهن الفنان عن صورته أو تمثاله .
ويجب علينا عندئذ أن نتحدث دائما عن المضمون الروائي (حيثما وجد) كبداية .
فأحيانا يكون الاتجاه الروائي صلة وحيدة يمكننا البدء بها .. فيصبح شعورنا الاول نحو عناصر اللوحة والتي تكوّن طابعها أكثر قابلية لفهمها .

الفن كتجربة دينية
يمارس الفن الديني ممارسة أقل أهمية في الغرب الحديث مما كان عليه في تلك الفترات السابقة عندما كان ينبثق مباشرة عن احتياجات العصر .
وتوجد الان مع ذلك جماعات دينية كثيرة تتجه الى التعبير الجمالي كوسيلة لدعم الإيمان .
من خلال الأشكال المعاصرة للتصوير الديني ، والنحت ، والزخرفة .
ماذا يعني الفن الديني القديم بالنسبة لنا اليوم ؟
ان للمعابد القديمة معنى مباشراً وايجابياً كرموز للإيمان عند الكثيرين . وحقًّا ترتبط أشكالها الفعلية بمعنى مقدس وبالناحية الرمزية .
وقد نتسائل الى اي مدى يكون هذا التأثير المهيب نتيجة لمعالجة واعية للأجزاء بواسطة المصمم ، والى أي درجة يكون نتيجة طبيعية لتطور أشكال وأبعاد وأسطح استجابة للحاجة الروحية القوية الموجودة في زمنه .
لا يمكننا إنكار الجاذبية الروحية لهذه الأبنية وما يصحبها من نحت وتصوير وزخارف بغض النظر عن عقيدتنا .
ومن الطبيعي أن يكون بعض هدا الشعور مشتركاً ما دام الكثير من بيوت العبادة قد احتفظ بهذا الشكل الأساسي فنحن نتفاعل -على الاقل حزئياً- تفاعلاً متوقعا .

الفن كتاريخ مرئي
زودتنا تجربتنا الأولية مع الفن ببواعث مادية وعاطفية . وأضفنا نحن كمشاهدين القليل الى هذا المنهاج نسبيا ، بدلا من ان نتيح لهذه الاعمال بأن تؤثر فينا ، وفي معظم حلالا الاستمتاع المادي او العاطفي بالفن ، تؤثر فينا انواع اخرى من الانفعالات بشكل آلي .
فالشعور الديني مثلا مرتبط بعلاقات معينة تعلمناها ذهنياً . كما أن هذا الشعور الديني مرتبط بالمعاني الرفيعة العاطفية للايحاء الديني نفسه .
وتكمن احدى المتع التي ترتبط بالفن في وجودها كشكل لتاريخ مرئي بالنسبة لنا .
هنا قد نقدر عملا فنياً لأسباب ليست جمالية بنوع خاص ، ولكنها ترفع من قيمته عندنا بقدر غير محدود .