يعتبر نصب الحرية واحدا من الأعمال الفنية ذات الدلالات المهمة الشاهدة على تاريخ مدينة عربية.. كيف لا؟ وهذه المدينة هي بغداد.. مهد الحضارة والثقافة والفن.

النصب هو عبارة عن جدارية بها مجموعة من القطع البرونزية، والتي ترمُز كل منها إلا حدث معين أو حالة إنسانية معينة، مفعمة بالعواطف والتعبير القوي. وتحتوي هذه الجدارية على 14 من القطع، وقد يعود السبب في ذلك إلى أنها (الجدارية) ترمز إلى يوم 14 تموز.

 

يوم 14 تموز

هذا التاريخ الذي يُشكل نقلة في الحياة السياسية العراقية، والتي انعكست بشكل أو بآخر على شتى مجالات الحياة، يعبر عن ثورة تمت في عام 1958م، والتي أنهت الحُكم الملكي في العراق لنقوم على إثره الجمهورية العراقية. ومن الجدير بالذكر هنا إلى أن هذا اليوم يتم اعتباره انقلابا عسكريا – وليس ثورة- في العديد من المصادر المؤرخة للحدث، هذه النصب الذي يقع في وسط العاصمة العراقية، في حديقة الأمة(ساحة التحرير)، أنجزه الفنان والمعماري العراقي جواد سليم عام 1961م، بالتعاون مع كل من محمد غنى حكمت و رفعت الجادرجي.

 

الفنان جواد سليم

 

 

 جواد سليم

فنان ونحّات ومعماري عراقي، ولد في اسطنبول عام 1921 و توفي في بغداد عام 1961، .قد عاش ما بينهما حياة مليئة بالفن، حيث وُلد لأُسرة فنية بامتياز، فمارس الرسم وأنواع مختلفة من الفنون منذ الصغر، حصل على جوائز عديدة منذ صغره كذلك، بالإضافة إلى أن أعماله طوال حياته تلقت اهتماما كبيرا، وحتى بعد وفاته فقد بيعت له أعمال في أهم مزادات العالم.

حسب مذكراته الخاصة، فقد ذكر بأنه لم يشعر يوما بأن الرسم هو الشيء الذي يعيش لأجله، بل ذكر بأنه احتاج إلى شيئا آخر ليُعبر عن نفسه بالشكل الكافي، وأظنه وجد ضالته هذه في النحت.

إن ارتباطه بالفن لم يكن في حياته فقط، فإن هذا الفنان العظيم قد توفي وهو يعمل على آخر أعماله (نصب الحرية) إثر نوبة قلبية خلال عمله، حتى أن البعض قد أعاد السبب في وفاته إلى مشقة العمل على هذا النصب وصعوبته الشديدة.

 

رموز نصب الحرية

 

الحصان

تبدأ قراءة الرمز من أقصى اليمين، فنرى في بدايته حصاناً، وهو الرمز العربي الأصالة والعراقة التي لازمت الشعب العراقي.. والشكل شبه الدائري هنا يعطي إيحاءاً قوياً بالحركة والربط بين الحصان وما حوله من عناصر أخرى.

 

حمَلَة اللافتات

شخوص ترفع لافتات بعزيمة وقوة، تعود الرمزية هُنا أيضا إلى الشباب العراقي الذي رفض الظلم في كل أشكاله. وحركة اليد هنا، تشير إلى ما سبقها في الترتيب، مما يرمز إلى الاستمرارية والبناء على أمجاد من سبق من العراقيين. ولا نغفل عن رمزية الطفولة كذلك، حيث ظهر الطفل إشارة إلى الأمل في المستقبل.

 

 

المرأة

نرى في الشكل امرأة جالسة بالطريقة التقليدية التي تجلس بها المرأة العراقية، وتقوم بما تقوم به السيدة العربية في حالات الحزن والغضب، وهو أن تلُف عباءتها على جسدها وتجلس لتُعبر عن مشاعرها. وهذه الرمزية تشير إلى أهمية دور المرأة العراقية، وحضورها القوي في كافة أشكال الكفاح نحو الحرية.

إلى جانب المرأة مباشرة، يضيف الفنان رمزية عظيمة أخرى إلى المرأة، وهي الأم التي تبكي ولدها الشهيد.

 

الفكر والجندي

في المنتصف تماما، يظهر الجزء الذي يكاد يكون الاكثر أهمية في كل مناحي الحياة، وهو: الفكر..

يُمثل هنا أمران متداخلان، الأول: الفكر المقيد(الذي يرمز له بالشكل الشخص السجين)، والثاني: هو الشعب الذي يُقدم يد العون، وينتزع الفكر من غياهب الجهل. والجندي هنا يرتبط بهما (في الشكل)، حيث يلعب دور الزعيم الثائر من أجل الشعب، والذي يعطي املأ وفجرا جديدا.

 

 

الحرية

بعد كل هذا العناء الطويل والصراع، تتحقق الحرية، ويشير لها هنا المرأة التي تأخذ وضعية الطير الحر، بالأيدي المرفوعة للسماء وكأنما تُحلق عاليا في سماء الحرية.

 

أما في الأجزاء الأخيرة من النصب، يظهر الاستقرار في نواحي الحياة جميعها، والطمأنينة تعم الأشكال والشخوص التي ترمز للزراعة(من خلال الفلاح) والصناعة(من خلال العمّال).

 

 

المراجع:-

– كُتيّب النصب التذكاري لثورة 14 تموز المجيدة- لجنة نصب 14 تموز

https://www.alquds.co.uk/

– https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%AA%D9%85%D9%88%?=-

– https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%AF_%D8%B3%D9%84%D9%8A%D