هبة عيزوق هي فنانة سورية نشأت في أسرة تُقدر الفن، فوالدها فنان تشكيلي وممارس للفن، الأمر الذي خلق لها مساحة من الفن والإبداع خلال طفولتها. ولدت الفنانة عام 1986 في السلمية في سوريا، ودرست الفنون في جامعة دمشق وتخرجت عام 2009، كما تقييم الآن وتمارس فنها في أنقرة-تركيا.

تتمعن هبة عيزوق في عمق الأشياء، ترى في البشر ما يتجاوز أجسادهم وتبحث دوماً لهذا الكائن البشري عن قيمة تتجاوز قيمته المادية.

مُنطلقة من تراكم خبرات حياتها وتجارب طفولتها تُصور الفنانة أفكارها على مساحات واسعة من الكانفس، والتي تدعو المتلقي من خلالها لعوالمها الخفية باستمرار.. فتُقدمنا لعبدالوهاب صديق طفولته الوهمي تارة، وتقدمنا لتجاربها حول مفهوم الهوية تارة أخرى، نتعرف أكثر حول ممارسة الفنانة وإلهامها من خلال هذا اللقاء.

 

-حدثينا عن البداية، وأثر والدك الفنان على اتخاذك الفن مسار مهني؟

البداية كانت منذ الطفولة، حيث مرسم والدي الفنان التشكيلي، وقد كان مكانه الخاص هذا هو مكان أساسي في المنزل وقد كنت أقضي الكثير من الوقت بصحبة والدي، نتحدث عن اللوحات ويسألني عن رأيي في أعمال معينة يرسمها. وجود المرسم في المنزل ورؤية والدي يرسم جعلت الاهتمام بالرسم يتملكني بشكل تلقائي وطبيعي.

وأعتبر بأن قراري اتخاذ مسار الفن قد كان خياراً سهلاً للغاية، ولم يكن والدي وراءه إطلاقاً، فمن المؤكد أنني لقيت الدعم من والديّ ولكنهما كانا غاية في الحرص بألا يؤثرا على قراري باختيار مصيري، في الحقيقة كان حبي وشغفي  للفن وانتمائي القوي للمكان الذي التمست فيه الفن لأول مرة الدافع الأقوى.

 

 

 -حدثينا عن تجربتك في دراسة الفن في دمشق.

دراستي للفن كانت بين كل من العامين ٢٠٠٥ و ٢٠٠٩ وذلك في كلية الفنون الجميلة في دمشق وفي قسم الحفر والطباعة تحديداً. دراسة الحفر كانت من أمتع التجارب التي تعلمتها خلال دراستي، فقد وجدتها تقنية مختلفة تماماً عما كنت قد اختبرته مسبقاً من تقنيات. اخترت دراسة الحفر لصعوبة تعلم التقنية خارج حدود الكلية في ذلك الوقت، والتحدي التي أعطتني إياه التقنية في التعامل فقط مع اللونين الأبيض والأسود، حيث أنني طورت القدرة على معالجة اللون الأسود واستخدامه كثيراً في لوحاتي اليوم رغم خطورته. بالإضافة إلى تنوع التقنيات بين الحفر على المعدن والحفر على الحجر والحفر على الخشب واللينوليوم والشاشة الحريرية وغيرها.

 

 كيف أثرت الأحداث السورية على مسيرتك المهنية؟

 خرجت من سوريا لأول مرة في الشهر الأول من العام 2012، ومنذ تلك اللحظة عاهدت نفسي أن أضع الفن في المرتبة الأولى في حياتي مهما كانت ظروفي. وبالطبع كحال معظم السوريين المغتربين لم يكن الوضع سهلاً في بلدان جديدة، فالبداية في كل مرة من نقطة الصفر تحدياً كبيرا. ولكن بالإصرار وعدم المساومة على أولوياتي تمكنت من تحقيق غايتي بالاستمرار وعدم الانقطاع لفترات طويلة عن الرسم. وقد ساعدني كذلك كون زوجي أيضا فنان تشكيلي، فالمرسم اليوم عنصر أساسي في حياتنا  ففي أربيل-العراق قمت بافتتاح أول معرض فردي لي وكان تحدياً كبيرا لي .

 

 

 تعيشين في اسطنبول منذ العام ٢٠١٣، ما الذي منحتك إياه الحياة في تركيا كفنانة؟

 بشكل خاص منحتني تركيا الاستقرار النفسي لأتابع عملي في الفن دون توقف، رغم الكثير من الصعوبات والعوائق التي واجهتها -في اسطنبول تحديداً- إلا أنّي تمكنت من تحقيق العديد من المشاركات الفنية في ورشات عمل مع فنانين محليين أتراك. بالإضافة الى معرضين فرديين وعدد من المعارض الجماعية.

الآن أنا مستقرة في أنقرة، هذه المدينة بالتحديد كان لها يد أساسية في دخولي الوسط الفني التركي بشكل أوسع .. حيث تمت دعوتي لإقامة فنية طويلة المدى في استوديوهات غاليري (CerModern) في أنقرة وهي مستقرة حتى اليوم، كما أقمت معرضيين فرديين في الغاليري.

 

 

 

 

 

-وما الذي تفتقديه في الوطن العربي؟

ما أفتقده الآن ممكن أن يكون بالنسبة لي هو التعبير عن نفسي بلغتي .. بالرغم من أنني أتحدث اللغة التركية إلا أنني الكثير من الأحيان أقف عاجزة لأعبر عن نفسي أو عملي الفني بالطريقة التي أتمناها.

 

 ما هو مصدرك إلهامك في الفن عموماً؟

مصدر إلهامي هو الإنسان. الإنسان هو مادتي الأولى في بحثي الفني، دائماً ما يلهمني ويستفزني للسؤال والتساؤل.. العلاقات الإنسانية، علاقة الإنسان مع ذاته و مع محيطه، جميعها تدفعني للبحث عن إجابات.

في الحقيقة لم أقم باختيار أي من المواضيع التي ذكرت وأستطيع القول أن مواضيعي هذه هي التي اختارتني بطريقة أو بأُخرى، فموضوع الهوية مثلاً بدأ معي مذ كنت في سوريا في مشروع ”الغربة الذاتية“ الذي كان معرض تتضمن لوحاته وجوه حاولت من خلالها التقاط حالة الاغتراب المختلفة في داخل كل شخص، وعندما اختبرت الغربة الحقيقية لأول مرة تحولت تساؤلاتي إلى تساؤلات حول هوية الأنسان و اختلافاتنا و تشابهنا خارج نطاق الأوطان والاغتراب المادي الذي نواجهه كبشر. لذلك أرى نفسي دائماً في انسياق باتجاه مايجري معي من أحداث وتجارب لأجد ظهورها لاحقاً في لوحاتي.

 

 

 -حدثينا عن شخصية “عبدالوهاب” صديق الطفولة.

عبد الوهاب صديقي وعدوي في طفولتي..

شخصية خيالية كانت تزورني في ”أرض الدار“ في ليالي الشتاء الباردة، يريد عبدالوهاب أن أكون صديقته و أنا فقط أريده أن يتركني وشأني، كنت أخاف منه.. فرأسه الكبير وأقدامه الصغيرة وعيونه الكبيرة المخيفة ولكن الحنونة بنفس الوقت لم تكن مشهداً طبيعياً بالنسبة إليّ. كان يجبرني للانتهاء مما أقوم به في الخارج مسرعة إلى الغرفة هاربة منه .. كبرت ولم أعد أراه أبدا، ولكنه عاود الظهور مجدداً في لوحاتي. بقي منتظرا سنيناً طوال ليظهر في اللحظة المناسبة وفي المكان المناسب .. للآن لم أفهم سبب رؤيتي لعبد الوهاب اوحتى سبب تسميتي له هكذا ولكني أشكره دائماً.

 

 

 

هل تتبعي مدرسة معينة في ممارستك الفن؟
لا أعتقد أنه مكاني للحديث عن أي مدرسة فنية أنتمي ولا أحب في الحقيقة أن أحدد نفسي في اتجاه معين. الفنان حر في عمله ويأتي بعده نقاد الفن لفرزه لمكان معين .. ولكن أعتقد أن أعمالي ضمن المدرسة التعبيرية.

في أربيل في العراق اقتتحت الفنانة أول معرض فردي لها، كما عرضت أعمالها وشاركت في عدد من الورش في كل من تركيا وسوريا والسويد وغيرها..  وما زالت تمارس عملها الآن في أنقرة.

المزيد من أعمال الفنانة.

 

 

 

الموقع الإلكتروني للفنانة من هنا.