هل التخصص مطلوب للفنان؟

هل المطلوب منك كفنان أن تتخصص في مجال أو أسلوب واحد؟ أم يجب عليك الغوص في العديد من المجالات والاتجاهات؟
تقول أنجيلاساسر “في بداية مسيرتي ، من الصعب معرفة المكان الذي تريد الذهاب إليه كفنان ، فقد تكون معضلة تؤرق الفنان عندما يحترف: هل يجب عليك أن تكون مرنا وتلبي احتياجات مجال معين ؟أم عليك أن تبحث عن التخصص؟
إن المرونة تعتبر لدى البعض مطلب طبيعي خلال الحياة للتقدم في الحب..أو العمل ،بينما تمثل ضغط نفسي للبعض أن يبتعد عن مجال ظهرت مهاراته وشغفه فيه.
اختلفت آراء الفنانين ومعتقداتهم في هذا الأمر ، فحاولنا رصد البعض منهم في بحثنا هذا…لنعرض لكم إجابتهم عن هذا السؤال..
المرونة لتفتح مجالات اكثر للكسب
أم التخصص والانفراد؟
* لا تجبر نفسك

الفنان Cris Griffin


“أشعر أنني أحتاج للتخصص ،فقط أحتاج أن أحدد الاتجاه الذي يأسر إلهامي وبالتأكيد سألتصق به “هكذا قالت الفنانة كريس جريفن مؤكدة أنه ما من فنانين بارزين نسمع عنهم إلا ولهم تخصص ”
ولكن في نفس الوقت تقول سامانثا هوج” لا يمكن أن تجبر نفسك لتخلق هذا التخصص أو الأسلوب المتفرد ، بل هو شيء مزروع في داخلك..فقط يحتاج منك الممارسة المستمرة حتى تصل إليه، فالبعض يصل إليه سريعا دون أي ضغط . وكان من حظي أن الوظائف التي مارستها في حياتي قد ساعدتني على صقل هذا التخصص بشكل سريع ، فكل ما عليك هو أن تتبع كل ما تجد فيه شغفك وحينها سيقودك لتميزك الذي تبحث عنه”
تقول ستيفاني لاو”لذلك إن كنت تتبع شغفك فاعلم أنه سيوجد هناك ذلك الجمهور الذي سينجذب لعملك ويرون من خلالك هذا الشغف المتألق”،ستيفاني فنانة تخصصت في الفن الشعبي بألوان المياه..بعد أن كانت بدايتها في مجال الديجيتال..او الفن الرقمي.
“التخصص والانفراد..لا يتأتى بالضغط والجبر”

* اختيار الجمهور المتلقي
أن تكون جيدا في مجالات متعددة ..فإن ذلك يخلق ساحة واسعة من طبقة الجمهور المتلقي، وتخلق فرصا أكثر في مجال التسويق للعمل ، من خلال تقديم بعض النماذج التي تظهر مهاراتك في اتجاهات متنوعة .
أتذكر جولتي في مهرجان الفنون (مسك آرت) عندما قابلت ذلك الفنان الذي امتلأت زاويته بفنون رائعة ومتنوعة من مجالات مختلفة..واقعية..كاريكاتير..نحت وحتى رسم الأنيمي ، وكان قوله لازال عالقا في ذهني عندما تعجبت من عدم توليه جهة يختص فيها، قال “إنني أرى من الظلم للفنان أن يرسخ نفسه في جهة معينة , فكأنما يحرم نفسه من ترجمة كل ما يشغفه ويشد انتباهه ، فالفنان غني في أحاسيسه ويملك كل ما حوله كأدوات يستعملها كيفما يحب دون التقيد بتخصص أو أسلوب”.
يرى البعض أنه من الصعب أن تترك أثرا بارزا في نفوس الجمهور أو المتلقين إن لم يكن لك بصمة وتخصص واضح يجعلهم يتعرفون على عملك فور رؤيته،ولكنني أختلف في ذلك لأن الفنان لايتميز بالنتيجة التي تراها العين ..ولكن الأساس هو تميزه بشغفه الذي يأسر انتباهه عن غيره ، فحتى اختيار اللقطات وزاوية الرسم..إنما هي من سمات فنه وعقله كفنان، فأنا أعتبرها انفراد يختص به حتى وان اختلف أسلوبه وأدواته في التعبير عنها.
وليس بالضرورة أنه ان تميزت قطعة فنية لديك لدى المتلقين…أن تكون باقي أعمالك بنفس هذا التأثير.
وللأسف المرونة لها ثمن كما تقول سامانثا “وهو أنك تفتح المجال للمتلقين أو صاحب العمل أن يوجهك في أي مكان لأنك مرن وتستطيع التكيف،وهذا سلاح ذو حدين”
إذا فالتخصص هو أمر مطلوب ولكن..يجب أن يكون ذلك الأسلوب المتفرد الذي يستحق التميز به.

يقول جوينيفر شينجلي “أن ترتكز على اتجاه محدد..فأنت محظوظ ،لأنه يسهل عليك الحياة ، ومهما كان انفراد الآخرين وتميزهم في اتجاهات معينة..إلا أنني لازلت أعشق ما أنا فيه من تنوع وتخبط في جميع الاتجاهات والأساليب”
* خارج الحدود
أنجيلا ساسير
ترى أنجيلا ساسير أن التخصص يساعد الجمهور وجامعي اللوحات الفنية على تتبع أثرك وتذكرهم لك ،على شرط أن لا يحجبك عن توسيع واستكشاف شغفك في جهات جديدة، فقد تتخصص في أسلوب وبعدها تكتشف ذاتك الحقيقية في أسلوب آخر، فالتخصص في نظرها هو فخ سهل الوقوع فيه ، خاصة عندما يكون العائد منه مغريا.
وكأنما التخصص يخبت صوت الفنان الذي يعشق الحرية في الاحساس ويكون معاكسا لشغفه المتجدد.
فالبعض يبحث عن التجارب الجديدة والثورات الإلهامية ولكن مع الاحتفاظ بكيانها في الرسم ، مهما اختلفت الادوات والخامات في الرسم.
كريستال سالي
كريستال سالي مشهورة برسم الوحوش المخيفة ،والذي ترى فيه شغفها وتخصصها
الفنانة كريستال سالي ترى أن شغفها بمجال رسم الوحوش وتخصصها فيه ، جعلها مطلوبة على وجه التحديد من شركات الألعاب والرسوم التى تحتاج موهبتها وخبرتها في هذا المجال.
يقول الفنان كومبيت”ليس معنى الانفراد في الأسلوب أن تضع لنفسك سياجا يحددك ، فأنا أعمل في فنون للأطفال..منشورات للمعارض الفنية ..حتى أنني أصنع الأزياء التنكرية أو غيرها ، ومهما اختلف المجال فلازال أسلوبي متميز عن غيري ”
لذلك يلجأ بعض الفنانين لاتاحة منصات مختلفة لنفسه، كل لها تخصص أو جانب من جوانب الفنان..بأسلوب خاص وجمهور يحب ذلك الأسلوب ، وبذلك لا يكون الفنان قد حرم نفسه متعة التنوع واثارة تجربة كل ما يشغفه من جديد.

*الأسلوب والمادة

يمكن أن يكون من المفيد اختيار موضوعا واسعا في تسخير رغباتك الإبداعية ، وكونك فنانا عادة يعني أن تكون شغوفا بأشياء لاتعد ولا تحصى ، وهذا يساعدك عندما يتعلق الأمر بتكوين مسار مهني.
فباختلاف الناس وأذواقهم ، بإمكانك أن تخلق مسارات مختلفة ، فكلما ضاق مسارك الفني يضيق نطاق الوظيفة الملائمة، وكلما تعدد وتنوع..جعل القاعدة أكبر لاستيعاب جمهور أكبر ومتنوع أكثر.

* البحث عن ذاتك
قد تجد شغفك في تجسيد الأشياء التي تستفزك تماما مثل شغفك لتجسيد الأشياء التي تحبها ،فالفنان يثيره المحيط حوله مما يبهجه..يحزنه أو حتى يخيفه فيترجم ذلك بأسلوبه الخاص.
فتقول ميراندا ميكس “أنه كلما كان الذي تصوره يؤثر فيك بقوة ويجذبك..كلما زاد تحديد الجمهور المتلقي وتكون ميولهم قريبة جدا من أسلوبك”
إن الفنانة ميراندا ميكس متخصصة في رسم الجماجم والهياكل ، وقد وجدت سلاسة في تصويرها والانجذاب لها دون أن تحجر نفسها عن قصد في ذلك التخصص ، فهي تؤمن أنك عليك اتباع قلبك ليتولد أسلوبك الخاص.
وكلما زادت ممارستك لفنك ..كلما تبلور أسلوبك وزاد اتضاحا..فتكتشف أنك بالفعل تولد لديك أسلوب خاص.

* بلورة تخصصك
إذا كنت لازلت تشعر بأهمية التخصص كفنان ، فإليك أهم نصائح ميراندا ميكس…
– جرب كل شيء ؛ يساعدك على تحديد ما لا تحبه بقدر ما تحب
-لا تستبعد موضوعا باعتباره غير ذي صلة
– سينجذب جمهورك إلى عملك مع استمرار تحسين أسلوبك الخاص بك
-ستعرف متى وجدت مكانك ، لأن الناس حينها سيشعرون بأنهم معجبينك ، ولن ترغب في تغيير تخصصك لاتجاه جديد عندئذ.

لطالما كان هذا المبحث باب كبير للتفكير والحيرة لدى كل فنان ، وببحثي في هذا الأمرتوصلت إلى أنه..
كل ما عليك هو أن تمارس الكثير من الفن..وتتعلم..وتشاهد وتجرب الجديد ثم تضع المشهد الخاص بك على ساحة الفن..عندها سيتولد من هذه الخبرة التي جمعتها هذا الفنان..الذي هو أنت ..وبأسلوبك أنت.

فما رأيك كفنان؟ شاركنا وجهة نظرك؟هل وجدت ضالتك هنا؟

المراجع..
موقع creativebloq.com