الماء هو أساس الحياة ومنذ قديم الزمان دخل في وسائل التعبير بطرق متعددة وأساليب متنوعة، وأهمها الرسم بالدهانات المائية والتي لا يحتاج تصنيعها الكثير من التعقيد ولا حتى استخدامها، وتعد هذه الدهانات المائية الأقدم تاريخيًا على الإطلاق وترجع أصولها لما يقارب 10000 عام قبل الميلاد، إذ بدأ الأمر بعمل لوحات الكهوف الأصلية لرسومات من الطبيعة والحيوانات بخلط بعض الأصباغ مع الدهون الحيوانية أو البصاق والتي استبدلت لاحقًا بالماء، وأول من صنع ألوان مائية رسميًا كان المصريين القدامى في عام 4500 قبل الميلاد وعرف باسم “الأزرق المصري” والذي صنع كيميائيًا ونتج عنه لون أزرق لامع واستخدم في الرسومات على جدران المقابر ولفائف البردى، وتعاقبت الحضارات بعد ذلك لتطوير هذه الألوان من إيطاليا إلى الصين واليابان وصولًا إلى ألمانيا وغيرها على مر العصور، وظهرت هذه الدهانات المائية بأشكال كثيرة وأنواع متعددة وسارع الفنانون من مختلف أنحاء العالم لاكتشاف أفضل التقنيات في التعامل معها والأدوات التي تناسبها على حسب نوعها.

 

أنواع الألوان المائية

ربما عانى الفنانون القدامى من محدودية الأدوات وجودتها بل وصعوبة استخدامها، لكن ومع تطور التقنيات وزيادة عدد المهتمين بالفنون حول العالم نتج عن ذلك أنواع عديدة من الألوان المائية وأشكال مختلفة لها، نذكر منها:

  • الكعكات الصغيرة الجافة: هي من أولى الإصدارات على صعيد الألوان المائية ولكن هذا النوع يمكن أن يكون جيد لدرجة يغنيك بها عن باقي الإصدارات أو ربما سيء لدرجة تبعدك عن استخدام الألوان المائية تمامًا، وعليه يجب الحذر عند شرائها واختيار الأنواع الجيدة وليس إصدارات الأطفال رخيصة الثمن لتضمن تجربة ممتعة.

  • أنابيب الألوان المائية: ولتجنب الخلط بين الأنواع فيجب التنويه إلى أن هذا النوع يختلف عن أنابيب الأكريليك بإمكانية عودته للحياة بعد خروج اللون من الأنبوب وجفافه بوضع القليل من الماء وتذويبه واستعماله مجددًا وهذا غير ممكن مع الأنواع الأخرى كالأكريليك، لذا فتعد هذه ميزة مهمة ترفع من شأن الألوان المائية لأن إهدار المواد مع الوقت يصبح عبئ على الفنان.

  • الألوان المائية السائلة: وتأتي في زجاجات صغيرة مثل الحبر ويكون معها قطارة، وهي ألوان خفيفة الوزن وساطعة للغاية ويحب استخدامها بحذر.

  • ألوان غواش المائية: على الرغم من كونها ألوان مائية إلا أنها غير شفافة وربما هذا ما يثني بعض الفنانين عن استعمالها، لكن ما لا يفهمه الكثيرون أن هذا النوع من الألوان المائية له ميزات مهمة تتضح فقط بالتجربة العملية، كالجرأة والملمس الطباشيري غير اللامع، إضافة لكونها ألوان معتمة فهي تشعر الفنان بالراحة فلا داع للتقيد بمراحل وخطوات، ويمكن أيضًا إزالة بعض ألوان الغواش والتراجع عنها بسهولة أثناء الرسم بل ويمكن تخفيفها بإضافة الماء للحصول على الشفافية، فهي ألوان مائية ذات إمكانيات عالية جدًا.

  • أقلام الرصاص المائية: وهي أقلام ملونة تذوب بالماء ويوجد منها إصدارات ذات جودة عالية ورخيصة الثمن، فهي مناسبة للطلاب عامًة وأما بالنسبة لاستخدامها فهو يتيح قدر عالي من التحكم في الخطوط بل ويمكن الرسم بها دون ماء كخطوط أساسية للوحة ثم استخدام الألوان المائية للتكملة وهذا لضمان ذوبان هذه الخطوط ونتيجة نهائية خالية من الفوضى.

  • أقلام الباستيل المائية: ربما لا يحب الكثير من الفنانين ألوان الباستيل عمومًا لما تحدثه من فوضى وغبار ولما تحتاجه من أدوات مثبتة بعد الانتهاء من الرسم، إلا أن الباستيل المائي له بعض المميزات اللطيفة كإمكانية التحكم به بالفرشاة لرسم التفاصيل ووجود الماء الذي يقلل انتشار الغبار.

  • الألوان المائية المعدنية: ألوان لامعة وزاهية حتى بعد جفافها لكنها تحتاج بعض الصبر والممارسة، إذ يجب أن توضع عليها كمية وافرة من الماء يحددها الفنان حسب كمية اللون وتترك بعض الوقت إلى أن ينشط ويصبح جاهز لغمس الفرشاة به.

تقنيات مهمة في التعامل مع الألوان المائية

إن إتقان العمل بالألوان المائية يحتاج الممارسة والتجربة العملية، ولتسهيل الأمر على المبتدئين يوجد بعض التقنيات المهمة والواجب اتباعها لتجنب إهدار المواد والجهد، نذكر لكم منها:

  • يجب اقتناء فرش ذات أحجام متنوعة وهذا يعتمد على أسلوب الفنان وميوله، لكن يفضل اختيار الأحجام الصغيرة للحصول على تفاصيل أكثر، وتجربة درجات متعددة لتحديد الأفضل.

  • يفضل استخدام علامات تجارية متنوعة من الألوان لاكتشاف الأفضل مع مراعاة عدم التنازل عن الجودة العالية لضمان دوامها لأطول فترة ممكنة.

  • يوجد عدد من الطرق للتلاعب بالظلام والضوء في اللوحة ومنها الانتقال من الجفاف للرطوبة أو من الرطوبة للجفاف، وهذا يعتمد على نوع الألوان المائية وكمية الماء المضافة لها وبالطبع ما يفضله الفنان بناءً على التجربة.

  • يجب توفير مجموعة من المناشف الورقية بجانب اللوحة فهي لها عدة استعمالات مهمة كتصحيح الأخطاء وتخفيف الماء عن الفرشاة وربما دمج الألوان على اللوحة ورفع بعضها أو إعادة توجيهها لمكان آخر.

  • يمكن استخدام حيلة مفيدة أثناء الرسم تتلخص باستخدام أصبع السبابة لسحب شعيرات الفرشاة المغموسة بالطلاء وتركها تتفجر للأمام على اللوحة لصنع رذاذ ذي تأثير جميل يضفي تفاصيل أكثر على العمل الفني.

  • من الحيل الجيدة إدخال الألوان ببعضها عند وضع كمية وفيرة من الماء على الورق وإدخال الألوان تدريجيًا وتركها تندمج ببعضها وتجف طبيعيًا للحصول على تدرجات دقيقة وجميلة.

  • يجب تجربة الورق ذي الملمس الخشن مع الألوان المائية لما يضيفه من تأثير وتفاصيل جميلة تظهر بعد جفاف الألوان.

  • لتحقيق تدرجات لونية يفضل القيام بضربة لون سميكة ثم سحبها تدريجيًا بفرشاة نظيفة مغموسة بالماء ويمكن إضافة المزيد من الماء في منطقة السحب لإظهار شفافية أعلى.

وفي النهاية يجب التنويه إلى أن الألوان المائية تختلف عن باقي الأنواع من زيوت وأكريليك، فهي رقيقة جدًا ويجب التعامل معها بلطف وصبر وبناء اللوحة تدريجيًا بطبقات خفيفة لتحقيق الشفافية والصفات المائية التي تميزها، إضافًة لمراعاة حفظ اللوحات المائية بظروف مناسبة بعيدة عن الرطوبة والضوء الساطع لما قد يؤدي لتحللها مع مرور الوقت.

المراجع

https://zeldacroft.com/2017/01/20/fun-facts-about-watercolor-paint/

https://www.kerriewoodhouse.com/blog/2016/04/types-of-watercolour

https://www.creativebloq.com/illustration/20-watercolor-techniques-every-artist-should-know-31619705