معرض تاليا يحتفل بالتساؤلات

هل ستختلف نظرتك لعاداتك الإجتماعية المكتسبة بعد أن تتعمق في أعمالي؟ لقد كانت هذه واحدة من تساؤلات تاليا الكثيرة المطروحة، من خلال أعمالها المعروضة في معرضها الشخصي؛ فخلال الأوضاع العالمية مؤخراً من عزلٍ صحي و إغلاقٍ تام للمدارس، ونظراً لتغيير أنظمة إختبارات الطلاب، قامت تاليا يونس طالبة الفنون في عامها الدراسي الأخير في نظام IB الدولي، بتنظيم مشروع تخرجها الخاص في المنزل، وعرضت مجموعة من أعمالها الفنية المبتكرة ضربت من خلالها أوتار قضية اجتماعية ذات أثر عالمي كبير على مجتمع الإناث اللاتي في سن المراهقة والشباب خلال العقود الأخيرة الماضية والتي تتمحور حول أسباب تشتت الهوية الفردية نتيجةً لإنغماس الفتيات منذ عمر الطفولة المبكر بالمعايير الوهمية المحددة للذات، والمروجة لأيدولوجيات ظالمة في حق وجود الانسان السليم، وتعرض تسلسلاً زمنياً للوعي في محاولة تحرره من الحصار الاجتماعي، موظفةً في ذلك مبادىء التكوين البصري من تكرارٍ لعناصر تلعب دوراً فاعلاً في إيصال محتوى الأعمال، لتوضيح وتأكيد إيقاعاً معيناً، وقامت أيضاً بتوظيف عناصر الوحدة و التباين مما أدى الى نجاحها باصطحاب وعي المتلقي برحلة بصرية متصلة بين عناصر العرض.

ولقد لجأت تاليا إلى استخدام دمى الباربي و البراتز كعناصر حية رمزية و تصويرية في أعمالها، لتعبر عن دور هذه الأيقونات التجارية المصطنعة في تحديد صورة الجسد الوهمي للأنثى، وتحفيز الإدراك الخاطئ لصورته؛ فأصبحت بذلك تُختزل على هذا النحو بشكل غير واعٍ لأنها بنظرهم عبارة عن جسد قبل أي شئ، بداخل مجتمعات تعاني من العديد من المعايير السلبية التي أدت لمزيد من التصورات الخاطئة تجاه هذا الأمر.
يترّأس العمل لوحة تصور فيها ذاتها المتنازعة و المضطربة وهي بداخل علبة دمى تجارية مرتديةً الأسود، ومن حولها دمى الباربي و البراتز ذات الأجسام المثالية و الملامح الممسوحة، تعبر عن أفكارها الأولية المتسمة بالرفض والانتقاد للواقع المفروض على الفتيات من قبل صنّاع المقاييس التجارية.
               

فمن هنا انطلقت تاليا لتجسد مكنونات الشخصية ونظرتها حول انخفاض ثقة الفتيات في المظهر الجسدي و زيادة مستوى الشعور بالقلق من الجمال و المظهر، وأسهبت بتوضيح ذلك في عمل مكون من ثلاث لوحات كبيرة الحجم، الأولى تصوير لدمية باربي، والأخرى لدمية براتز، تتوسطهما لوحة من الخطوط العشوائية الملونة مستوحاه من مكنونات اللاوعي ومحاطة بسلسلة تعبر عن القيود الإجتماعية التي تقيد الطبيعة البشرية السليمة.

                        
و تتابع تاليا بالربط بين تجربتها الشخصية و المحتوى الفكري للمعرض، في مجسم مكون من قماش مثبت على صندوق معبرةً عن انتقادها لتاريخ من المواقف التي أجبرت فيها على ارتداء أقنعة لإرضاء توقعات المحيط لتنال القبول، ويقودنا هذا لمجسم آخر بجانبه مكون من أيدي نساء مرسومة تتدلى منها سلاسل متصلة بعلب دمى فارغة لتقول بوضوحٍ تام و صريح أن توقعات المجتمع هي عبارة عن معايير مقيدة وصعبة المنال، ودمجها لعناصر مختلفة مثل ألوان الأكريلك و السلسلة والعلب الفارغة هو رسالة للمتلقي عن عشوائية الطرح التجاري التسويقي.

عنوان العمل: كان يا مكان في قديم الزمان

عنوان العمل: لا تشرب الكثير من الماء، هذا ليس صحي، أعدك!

أيدي نسائية مرسومة تتدلي منها علب باربي فارغة

تقول تاليا من خلال هذا العمل: النصف الشفاف الحقيقي دائماً محاصر أما المزخرف و الذي لا يبت اليها بصلة فهو المرحب به مجتمعيا.

و بتسلسل مرن و مدروس لحالة الهوس الخيالي لمعايير الجمال المشروطة، تنقل تاليا المتلقي لوضعية الإنتحار سواء كان هذا انتحاراً إجتماعياً، اقتصادياً، سياسياً، أو حتى انتحاراً عقلياً فعليّ و كأنها تُسهب قائلةً ان هذه الرغبات الوهمية سوف تقودكم للإنتحار بشكل أو بآخر.

عنوان العمل: أقتلني الآن رجاءاً!

 

هنا تتجسد جميع تساؤلات تاليا حول تحفيز الوعي من خلال أربع وأربعون دمية تلتصق بمرآه لتعكس صورة الناظر إليها على أمل أن انعكاس الصورة على المرآه بين دمى الباربي العارية تجرد الوعي من المعايير التجارية الموضوعة.

 

إبلع

“إبلع” العمل الختامي يأتي تتويجاً لجهودها في التصوير و التجسيد لإستثارة  ترسبات السلطة التجارية و الوهمية مستحيلة المنال؛ ففي هذه المجموعة الغنية بالصور الفوتوغرافية، تصور فيها تاليا نفسها و هي تستكشف دمى الباربي و البراتز بأسلوب حسّي و عدواني هجومي، حيث تتطور حالة الهستيريا بالمثالية إلى مرحلة إلتهام الدمى…