ما هي خياراتك عندما تتسامى على حزنك؟

ما هي الطريقة التي تتبعها للتشافي عندما تجد نفسك مكبلًا ومُحاصرًا على حدود بلدك؟

 

محمد الحافظ فنان ومعماري سوري، تجربته في هذه الحياة تشابه تجربة العديد من أبناء جيله من السوريين ممن عبثت الحرب في أحلامهم وأجبرتهم على الرحيل إلى مصائر متعددة مجهولة.

سعداء بأن نقوم من خلال هذا المقال بالحديث حول تجربة “محمد الحافظ” كفنان ومعماري سوري ارتبطت أعماله ارتباطًا وثيقًا بالأحداث في بلده، وارتباطها بشكل أو بآخر بصورة الفنان العربي المسلم الذي تُضاف إلى معاناته معاناة أخرى حين يحاول التكيف والتأقلم مع حياته خارج وطنه العربي في ظل الأوضاع السياسية الراهنة.

 

درس الحافظ الهندسة المعمارية في ولاية “ايوا” في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تزامنت فترة دراسته مع حظر سفر للطلبة المسلمين، مما منعه من العودة لوطنه والاجتماع بأسرته من جديد لمدة ثمانِ سنوات.

ثمان سنوات من سلب الحرية ولَّدت لدى الفنان حزنًا شديدًا وحالة أقرب إلى الاكتئاب، اشتياق شديد للأهل والوطن دفعه -بوعي أو بدون وعي- للبدء بوضع خطواته الأولى في مشروعه الفني، منحوتات مصغرة تصوّر دمشق!

 

for photo credit refer to : Mohamad Hafez website

 

في كل عمل تجد ما قام محمد بجمعه وصُنعه من قِطع، منحوتات، تسجيلات، أصوات، ذكريات، قصص سُردت -أو لم تسرد بعد- والأهم من ذلك كله المشاعر؛ فبمجرد إلقاء نظرة على هذا العمل لا يمكنك الهرب من خيالك وهو يصوُر لك أفرادًا عاشوا هُنا، وكانوا جزءا من هذا المكان المصُغر.

بعد مرور سنوات عديدة بدأت الحرب السورية، وكان محمد قد اختبر اثنى عشرة عامًا تقريبًا من العمل في هذا المجال، مما ساعده بلا شك على تطوير هذه الأعمال وإعادة طرحها بطريقة تحاكي الوضع في بلده، وعندما بدى واضحًا بالنسبة لنا الأثر الذي تركته الحرب والظروف الصعبة على أعمال الفنان، كان لِزامًا علينا أن نطرح سؤالا مباشرًا حول الأثر الذي يتوقع الفنان أن تتركه أعماله على المُتلقي ما بعد الحرب؟

وكانت الإجابة: “دور الفنان بالأساس هو زرع الأمل، ليس الهدف الأساسي أن يعيد مضغ الدمار ويعيد تصويره، بل من المهم أن يكون الفنان على درجة من الوعي ببشاعة الحرب، على الرغم من ذلك عليه أن يحمل على عاتقه إعادة زرع الأمل”

for photo credit refer to : Mohamad Hafez website

 

 

يحرص الفنان على الانتشار بشكل أكبر حتى تصل رسالته التي يسعى للتعبير عنها بإنسانية محايدة تمامًا، بعيدًا عن التوجهات السياسية المختلفة، فهو يعي تمامًا بعُمق المشكلة على المستوى الإنساني ويعرف -من تجربته الشخصية- الأثر الذي تتركه الحرب على كل أسرة، فمن المهم بالنسبة له أن يقوم بالجمع بدلًا من التفريق، وفتح باب للنقاش والحوار حول المفاهيم التي تتعلق بالهجرة واللجوء والآثار المرتبطة بالحرب، بالإضافة إلى أخذه بعين الاعتبار جيلًا كاملًا لا يعرف عن بلده سوى الحرب وتبعاتها من لجوء وخيمات، فيرى بأن مشروعه هذا في جوهره يعيد التأكيد على أن الوطن العربي بشكل عام -وسوريا بشكل خاص- هي أكثر من مجرد الدمار والحرب، بل هي آلاف السنين من الحضارة والثقافة والهوية التي لا يمكن تجاهلها بحضور سنوات قصيرة من الحرب، وتظهر رسالته بوضوح أكبر من خلال مشروعه “unpacked refugee baggage”

 

عمل جزء من مشروع “unpacked refugee baggage”

 

 

يقوم الفنان بتوظيف بعض العناصر المسموعة للعمل، فيتسنى للمتلقي خوض تجربة حسية مميزة

 

for photo credit refer to : Mohamad Hafez website

 

 

عُرضت أعمال محمد الحافظ في عدد من المعارض العربية بالإضافة إلى تنقله بين عدد من الولايات الأمريكية، ويرى في تنقله هذا ضرورة لينقل صورة الفنان العربي ويعيد تشكيل الصورة النمطية التي ترافقه والألقاب التي تصدر عليه مِرارًا كلاجئ أو مهاجر أو غيره، ويلعب دورًا في المساهمة في تقديم دعوة للانفتاح من جديد وإزالة كل العوائق التي تُعقد عملية التواصل الإنساني، مما يساعد على خلق مجتمعات أكثر وعيًا بماضيها وحاضرها بميزاتها وعيوبها، ليجعلنا أكثر قدرة على خلق مستقبل أفضل تظهر فيه حضارتنا بالصورة الحقيقية التي تحمل معها الثقافة والحضارة التي يجب أن نفخر بها ونسمح لها بالظهور بثبات أمام الحرب والدمار وكل ما هو مشوه.

نترككم مع المزيد من الصور المليئة بالتفاصيل.

 

 

 

 

 

تفصيل من واحد من الأعمال

 

تفصيل من واحد من الأعمال

 

“يا روح لا تحزني.. يا قلب ضلك هني”

 

 

 

“ولوسف يعطيك ربك فترضى”

 

عمل مؤطر